قمة البجاحة وقلة الحياء السياسي تتجلى عندما يمسك اي قائد عسكري بمايكروفون ويشتم السياسيين المدنيين ويقول لهم “ما عندكم وش تقابلو بيهو الشعب السوداني كما قال الكباشي!” او يقول “السياسيين المدنيين ما مسؤولين” كما قال ياسر العطا!
هل نفهم من ذلك يا كباشي وياسر العطا انكم انتم كعسكر ” عندكم وش” تقابلون به الشعب !!! وانكم انتم نموذج للمسؤولية؟!!
” عندكم وش وعندكم لسان تتكلموا” ؟ ! في حين ان رصاصكم الطائش والموجه يخترق أجساد الأبرياء وداناتكم تحطم بيوت المواطنين فوق رؤوسهم وطيرانكم يدك المدن دكا وجنودكم يسرقون وينهبون ويغتصبون ! وسلطتكم تسرق حتى الاغاثات التي يتبرع بها الأجانب للشعب الجائع بسبب حربكم!
” عندكم وش ومسؤولين انتو يا عسكر” ؟! و”عندكم عين تتكلمو بلسان الشعب السوداني” ؟!
ان تجربتنا المريرة مع الحكم العسكري والحروب الأهلية المتطاولة تجعلنا نطالب بخروج العسكر من السياسة كضرورة وجودية ! كضرورة حياة للسودان والسودانيين!
٥٥ سنة من سنوات الاستقلال ال ٦٨ والبلاد رازحة تحت الحكم العسكري الذي انحدر إلى آخر دركات حضيضه بحرب الخامس عشر من أبريل التي كان يجب أن تصيبهم بهاء السكتة!! ولكن البجاحة أعيت من يداويها!
ما زال العسكر من اوكار هزائمهم وفشلهم في عسكريتهم التي فارقوا مهنيتها وضبطها وربطها ينصبون انفسهم مرجعية سياسية عليا في البلاد ويتحدثون عن المسؤولية!!! والوطنية!!!
وعندما اقول اوكار الهزيمة فأنا اتحدث تحديدا عن ” الهزيمة الوطنية الكبرى” ممثلة في ان مؤسسة عسكرية تستهلك ٨٠% من ميزانية الدولة بدلا من ان توفر الامن والحماية للمواطن السوداني تقتله داخل بيته بالرصاص والدانات والطيران وكل انواع الأسلحة المدفوع ثمنها من ثرواته القومية!!
الهزيمة الكبرى هي هذا الاستخفاف المريع بحياة المواطنين وتجاهل معاناتهم وتلك الجرائم المروعة ضدهم من طرفي الحرب: الجيش والدعم سريع!
الجيش مهزوم عسكريا واخلاقيا
الدعم السريع مهزوم سياسيا واخلاقيا بسبب انتهاكاته
النصر الوحيد الممكن للجيش والدعم السريع هو إيقاف هذه الحرب و والتعاون في إنجاح انتقال تأسيسي للسودان نحو دولة مدنية ديمقراطية اهم خطوة نحوها هي عملية شاملة وجذرية للإصلاح الأمني والعسكري يتشكل بموجبها جيش وطني مهني جديد!
الدعم السريع الذي يفر المواطنون من مدنهم وقراهم بمجرد سماعهم باقترابه لا يصلح ان يكون جيشا بديلا ، رغم انتصاراته العسكرية لا يصلح جيشا وطنيا لأسباب بنيوية فصلتها في مقالات سابقة منها (القوى المدنية الديمقراطية ومعضلة الدعم السريع)
اما الجيش الذي تتساقط حامياته الواحدة تلو الأخرى في الأرض ولا يتم تحريرها الا في الفيسبوك والواتساب ويقصف المواطنين بالطيران والبراميل المتفجرة ويسيطر عليه الكيزان لدرجة نقل الممارسات الداعشية إلى صفوفه ، فلا يصلح هو الاخر ان يكون جيشا وطنيا.
الشعب السوداني المكتوي بنيران هذه الحرب عندما يستمع إلى قيادات المؤسسة العسكرية يكون متعطشا فقط لسماع خبر وقف إطلاق النار، النار التي تحرقه بالمعنى الحرفي والمجازي! ينتظر سماع خبر ذهابكم إلى المفاوضات.