▪️فقه اللغة علم ممتع للغاية والعربية هي تلك اللغة المدهشة بكمالها وجمالها وخلوها من النقصان، حيث تتجلى دقة إستخدامها كلما تأملنا القرآن وتدبرنا آياته، فإستخدام اللغة فقط يظهر المستوى الإعجازي الرفيع، حيث أن للقرآن عجائب لاتنتهي ومعاني متجددة، فهو كما وصفه الوليد بن المغيرة القرشي عندما سمعه لأول مرة فقال لجماعته كفار قريش يومها (أن له لحلاوة وأن عليه لطلاوة وأن عاليه لمثمر وإن اسفله لمغدق وأنه ليعلو ولايُعلي عليه)
ذكرنا كل ذلك قبيل الدخول في توضيح فوارق اللفظ والمعنى لكلمتين متشابهين يلتقي عندهما الجناس والطباق، و نعني بهما كلمتي التوسل و التسول، فما هو اختلاف المعنى؟ وكيف نميز بينهما؟
▪️ معنى التوسل هو الطلب مع الدعاء و الرجاء ويكون في ارفع معانيه من المخلوق إلى الخالق ومن العبد إلى المعبود ومن الناس الي الله، حيث يدعو الطالب متوسلا به إليه أو متوسلا بأحب أسمائه وأعظم نعمه أو رسله. والناس تتوسل إلى القادر المعروف مع تذلل.
و التوسل فعل أو قول مصحوب برجاء بلاخجل من المتوسل مع حفظ كرامته وماء وجهه، مع رضا وقبول واستجابة عاجلة أو آجلة من المتوسل إليه.
أما التسول فهو فعل أو قول مستهجن وطلب يقع من الطالب إضطرارا قلما يجد من المطلوب منه تجاوبا، والمتسول هو ذاك الذي يضحي بكرامته وعزة نفسه ويغامر ببيع ماء وجهه بحرج.
و التسول يصدر من محتاج أو مريض فيطلب ممن يقف أمامه بلا تمييز أو حسن تقدير.
▪️و الفوارق بين التوسل والتسول كبيرة وكثيرة، لأن التوسل سمو والتسول إنحطاط، والتسول هزيمة نفسية والتوسل ثقة وإيمان وحسن ظن، وحتى لايلتبس الأمر،. وتنقطع المروءات فإن طلب العون من الأخ والصديق والقريب لايعد تسولا، وأن مساعدة الإخوان والاحباب والأهل لبعضهم البعض يسمى تكافلا ، لأن المتعارف عليه بين الناس ان الصديق عند الضيق.
والناس تتوسل لله الملك الديّان، كما تتوسل إلى أصحاب الزعامة والقيادة والسلطان،والفارق بينهما هو أن التوسل لله عبادة،بينما يُعد التوسل للبشر تزلّفا أو تملقا.
و السؤال الذي يقفز إلى الأذهان هو لماذا كتبنا عن فوارق التوسل و التسول؟
والإجابة هي أن التسول مرض إجتماعي ينتشر في الدول الضعيفة والحكومات الفاشلة التي تدير إقتصادها إعتمادا على الضرائب الباهظة والقرارات الظالمة، حتي يصل بها الأمر إلي تعطيل مرافقها الخدمية التعليمية لضعف الأجور وانهيار خدماتها الصحية لأنها تطالب أطباء الإمتياز بدفع أموال طائلة بدلا من أن تدفع لهم نظير عملهم المتواصل، وكأن كل ما يفهمه وزير ماليتها هو إعداد الميزانية إعتمادا على جيوب المواطنين، و الإجتهاد لإفقارهم وتحويلهم إلى متسولين.