قالت نقابة الصحفيين السودانيين إنها استشعرت مسؤوليتها الوطنية والمهنية تجاه الحرب الدائرة في السودان و أعلنت انحيازها السافر لبنيان الجماهير المرصوص تؤدي واجبها كأي فرد فيه.
وأكدت النقابة في بيان بمناسبة مرور عام على الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع اليوم الإثنين (١٥ أبريل ٢٠٢٤م) وقوفها في الصفوف الأولى بين الجهات الداعمة والعاملة لإنهاء الحرب وإقرار الحل السلمي.
وأضافت من هذا المنطلق الوطني والمهني، لم تنفك النقابة عن السعي الجاد مع آخرين لنزع فتيل الأزمة قبل اندلاع الحرب ووقف الحرب وإحلال السلام بعد نشوبها وما انفكت تمد أياديها بيضاء لكل ساعي لهذا الغرض النبيل.
نص البيان:
نقابة الصَّحفيين السُّودانيين
بيان للرأي العام
جروح لا تندمل وآلام عصية على النسيان، بعد مضي عام شديد الوطأة على بلادنا منذ إطلاق الرصاصة الأولى إيذاناً ببدء الحرب المشؤومة في 15 إبريل 2023م.
المجازر الوحشية ومظاهر الخراب والدمار والجثث والأشلاء وعمليات السلب والنهب، ستظل شاخصة أمام السودانيين لزمان طويل لهول ما شاهدوا في تلك الأيام الثقال ولا يزالون.
مضى عام كامل على اندلاع الصراع الكارثي بالسودان، الذي أودى بحياة آلاف الأشخاص وترك الملايين الذين استبيحت دماؤهم ونهبت ممتلكاتهم، وتشردوا في بقاع الأرض، دون قوت، أو ماؤى أو كساء أو رعاية صحية ولايزالون.
رفاق القلم
لم يكن الوسط الصحفي والإعلامي بالسودان، استثناءً من العذابات التي حاقت بشعبنا المكلوم في أتون هذه الحرب اللعينة، فقد لقي المشتغلون بالمهنة من أمرهم عسرا وتعرضوا لمضايقات شديدة، وانتهاكات متكررة من طرفي الصراع على النحو الذي وثقته البيانات والتقارير الصادرة عن نقابة الصَّحفيين السُّودانيين، طوال الإثنى عشر شهراً الماضية.
استشعاراً لمسؤوليتها الوطنية والمهنية أعلنت نقابة الصَّحفيين السُّودانيين انحيازها السافر لبنيان الجماهير المرصوص تؤدي واجبها كأي فرد فيه، مؤكدة وقوفها في الصفوف الأولى بين الجهات الداعمة والعاملة لإنهاء الحرب وإقرار الحل السلمي، ومن هذا المنطلق الوطني والمهني، لم تنفك النقابة عن السعي الجاد مع آخرين لنزع فتيل الأزمة قبل اندلاع الحرب ووقف الحرب وإحلال السلام بعد نشوبها وما انفكت تمد أياديها بيضاء لكل ساعي لهذا الغرض النبيل.
وفي الأيام الماضية شاركت في تحالف لمؤسسات ومنظمات صحفية وإعلامية مستقلة، أطلق حملة مناصرة للشعب السوداني تحت اسم “ساندوا السودان” لوقف خطر المجاعة ومجابهة الكارثة الإنسانية ووضع حد للانتهاكات والضغط على طرفي الصراع لوقف نزيف الدم وفتح ممرات آمنة لعبور المساعدات الإنسانية والإمدادات الضرورية للمنكوبين في كافة أنحاء البلاد، لاسيما وأن بلادنا تواجه “واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة” -حسب تحذيرات أممية- جراء احتدام المعارك بين الطرفين المتحاربين.
ومن هنا ندعو الزملاء والزميلات لتكريس جهودهم لمناهضة خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي، وتسليط الضوء على حجم الكارثة الإنسانية ووطأتها على المواطن، والتعبير عمن لا صوت لهم.
بنو وطني
إن كارثة الجوع وغيرها من الكوارث الإنسانية تقف أدلة دامغة تؤكد أن هذه الحرب مهما كانت نتائجها ليس بها طرف رابح أو منتصر ويبقى السودان والسودانيين هم الخاسر الأكبر فالدماء والأموال والأعراض كلها سودانية عزيزة، وأنه ليس هناك أولوية ولا واجب للطرفين المتحاربين، سوى إيقاف هذه الحرب فوراً، لإنهاء معاناة السودانيين القاسية.
إن حرب أبريل بالسودان أظهرت بوضوح أننا في حاجة ماسة لتبني استراتيجية وطنية فاعلة لنزع أسباب الحروب والصراعات المسلحة في بلادنا، كما نحتاج إلى أن نتسلح بفكر ثاقب، يقي بلادنا غوائل الأيام وتقلبات الأزمان، إذ أننا نعيش وسط محيط إقليمي ودولي يضج بالصراعات السياسية والاقتصادية والعسكرية واللوجيستية ويجب علينا جميعا الانتباه.
فيما يختص ببرامج رفع الوعي ومناهضة خطاب الكراهية، نظمت النقابة دورات تدريبية بعدة ولايات، باعتبار أن مناهضة خطاب الكراهية أحد بواعث نزع فتيل الأزمة، لاسيما وقد شهدنا الآثار المدمرة لتفشي هذا النوع من الخطاب.
بجانب الأثر السيء لغياب الإعلام المهني وتفشي الشائعات والمعلومات الكاذبة المضللة وحملات الاستقطاب والتحشيد الإثني والقبلي والمناطقي المتصاعد، وقد شهدنا كيف خرجت الأنفس الشح هنا وهناك تسلق الناس بألسنة حداد، لتأجيج وإطالة أمد الصراع، استمراراً لمخطط تدمير الوطن ووأد الثورة.
الصحفيات والصحفيون
استلهاماً لمباديء ثورة ديسمبر الباسلة، نؤكد نحن في نقابة الصَّحفيين، ألا عاصم من القوة الباطشة إلا العقل والحكمة ولا عاصم من العنف والعنف المضاد إلا العدل وسيادة حكم القانون، ولم يعد خافياً على أحد حاجة السودانيين الملحة لوقف الحرب وإحلال السلام.
ختاماً نتمنى أن يأتي العام القادم، ويكون عاماً تسكت فيه أصوات البنادق إلى الأبد، عاماً بلا جرحى وضحايا ونازحين ولاجئين ومشردين أو ثكلى أو أرامل، عاماً بلا أحزان وبلا فقدان ولا جوعى وعطشى ولا منكسري الروح، عاماً خالياً من الحروب والصراعات والنزاعات، عاما فيه يغاث الناس ويعصرون، وأن يعم السلام في كل ربوع بلدنا الحبيب. وبرغم من تفشي شريعة الغاب وتمدد الأيام الجائرة، يظل إيماننا بدفع الحياة نحو الأفضل، يقينا لا يتزعزع ولا يتطرق إليه شك، استلهاماً لمباديء ديسمبر العظيم ووفاءً للشهداء الكرام.