خبر صادم .. هذا المساء ..
رحل محمد المساح الكاتب والصحافي اليمني المبدع ..
قرأت خبر رحيله الموجع باختصار شديد في كلمة (وجعي) التي سطرها الكاتب والصحافي اليمني صديقي عبد الرحمن بجاش مساء اليوم (١٩ أبريل ٢٠٢٤) على صفحته في (فيسبوك).
أعرف أن رحيل المساح موجع لزميلي الأستاذ بجاش.. وهو صديق تاريخي للراحل المساح ..
الرحيل موجع لأحباب المساح الذين عايشوه وتفاعلوا معه.. كان انساناً متواضعا وبسيطا لكنه كان كبيرا بأدواره في عالم الكلمة والإبداع.. وكان ممتلئا بقيم شموخ يمنية وانسانية، ..
رحيله موجع للذين يحبون معانقة حروفه التي كان يكتبها بلغة جميلة تحت عنوان (لحظة يازمن).
عشت في أحضان صنعاء ، ووسط دفء الزملاء والأصدقاء .. اذ عملت صحافيا في صحيفة (الثورة) الحكومية اليومية.. وكانت آنذاك هي الصحيفة اليومية التي تتصدر الساحات ..
هناك عرفت المساح انساناً، وكاتبا ومبدعا كبيرا..
في سطور حيوية، و نابضة بالإبداع والمواقف الجميلة، كان المساح يحلق بالقاريء مع تباشير الصباح في أجواء الكلمة الجميلة الهادفة.
هناك في صحيفة (الثورة) ربطتني بصديق عمره وصديقي الاستاذ عبد الرحمن بجاش أجمل العلائق الإنسانية الدافئة.
في ذلك المناخ كان المساح محبا للإنسان ولا يعترف بحواجز الزمان والمكان..
مثلما كتب صديقي بجاش عمود وداع رائع عندما قررت مغادرة صنعاء والسفر إلى قطر للعمل هناك في العام ١٩٨٤ بعد عملت في صنعاء ابتداء من العام ١٩٧٩ كتب المساح أيضا حروف ودعني بها أجمل وداع في عموده اليومي (لحظة يازمن) ..
بجاش والمساح كتبا عن لحظة وداعي بنبض يماني مشحون بالحب والنقاء والدفء الإنساني وروح التفاعل التاريخية بين السودانيين واليمنيين.
المساح وبجاش طوفاني بنبض الأصالة والوفاء اليمني .. فشدّدا على معنى واحد .. أكدا أنني كنت واحداً منهم .
نعم كنت وما زلت واحداً منهم أتفاعل مع قضايا الإنسان اليمني المكافح والأصيل وتطلعاته المشروعة في سبيل العيش الكريم . .
في الدوحة العاصمة القطرية حملت اليمن في دواخلي ..وحملت نبض الوفاء لبجاش والمساح وزملاء وأصدقاء .. ولليمن التاريخ والأصالة والشموخ ..
أذكر أنني كتبت خبرا في أيام عملي الأولى في صحيفة (العرب) القطرية أشرت فيي نصه الى (جامعة صنعاء)وكان الخبر عن جامعة (قطر).
اللافت أن المصحح في صحيفة (العرب) لم يكتشف الخطأ.. ولم يكتشفه أحد غيره ..
اليمن سكن دواخلي وأنا مقيم في قطر ، هناك أعددت أول صفحة أسبوعية في تاريخ الصحافة القطرية بعنوان (اليمن السعيد) فاحتضنها أبناء اليمن في قطر بمحبة، وبعضهم قال ( كنا نقرأ مقالاتك في صحيفة الثورة وتحقيقاتك في صنعاء ومناطق يمنية وكنا نظن أنك يمني)..
قلت نعم أنا يمني الهوي..
أو كما أبدع ابن اليمن حبيبنا وصديقنا بروفيسور نزار غانم وصنع وصفا وتركيبة رائعة هي ( السوماني)
نزار هو الشيخ التاريخي ل(السومانية)
وهو يواصل تعزيز وتقوية بنيانها أينما كان داخل اليمن، و لدى انتقاله إلى السودان .. و منه إلى مصر التي تحتضن حاليا سودانيين ويمنيين وبشرا يعانون من أوضاع شتات فرضها اضطراب الاستقرار والأمن في بلادهم .
كانت الصفحة الأسبوعية التي أعددتها عن اليمن في الدوحةً تتناول اخبارا سياسية وثقافية واقتصادية ورياضية،وقد واكبت تطورات اليمن حتى تحققت وحدة الشطرين.
حبي لليمن ارضاً وشعبا نابع من أسباب عدة يطول شرحها، لكن القواسم الانسانية المشتركة بيني و المساح وبجاش ومحمد الزبيدي وأحمد الأكوع ورؤوفه حسن وناجي الحرازي وزملاء أعزاء آخرين كانت وما زالت تشكل زادا حيويا لا ينضب.. وشريان تواصل يضخ دماء المحبة المتبادلة..
رحيل المساح فقد لليمن ، وعشاق الكلمة الخضراء، النابعة من نبض الناس ، كان صاحب ( لحظة يا زمن) متميزا ومبدعا كبيرا ..
حمل هموم وطنه في قلبه وعقله وضميره ،وسجل من أجل عزة وكرامة انسان اليمن أنبل المواقف ، بأروع الحروف .
نسأل الله ان يتغمد فقيدنا المساح بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته .
التعازي لك اخي العزيز عبد الرحمن بجاش ولأسرة المساح وأهله، ولكل أحباب وأصدقاء وزملاء فقيدنا العزيز.
(انا لله وانا اليه راجعون)
لندن
١٩ أبريل ٢٠٢٤