يرى بعض الإخوة المعلقين والمتابعين والسياسيين أن خطاب السفير “الحارث إدريس الحارث” الذي يحمل منصب مندوب السودان في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن كارثة سياسية و(مصيبة دبلوماسية)..ولكني أراه قبل هذا وذاك (أزمة أخلاقية طاحنة)..!
عندما يكون الشخص عبداً للوظيفة لا سيداً لها فإنه ينحدر إلى إنكار ضوء الشمس..ويقع في ركام من الأكاذيب المتصلة المتدفقة بغير فاصلة أو شولة، وهو يبيع عقله وقلبه في خدمة انقلابيين فقدوا كل منطق وبصيرة..! بل إنه في حقيقة الأمر يعلم أنه يخدم الاخونجية الذين يقفون خلف هؤلاء الانقلابيين..ويعلم حقيقة من يدير هذه (الحكومة الغائبة) منزوعة الشرعية التي يتحدث باسمها في المحافل الدولية..!
لذلك تحوّل خطاب هذا الرجل أمام المجتمع الدولي إلى سلسلة من التزوير والإرجاف ومفارقة المنطق والتغبيش على الحقائق التي يعلمها أطفال الحضانة..!
والذي يغيب في لُجة من الكذب لا شك يقع في حبائل التزييف ويمضي إلى ما هو أسوأ من التزوير عندما يتماهى العقل الغائب مع اللسان الكذوب فينحدر في (سقطة مدوية) وهو يحاول تبرير إعادة الكيزان للعلاقات مع إيران (من اجل المسيّرات وآلة الحرب) وينجر إلى القول بأن (إعادة العلاقات مع إيران لا تهدد أمن إسرائيل)..!
بحق الشيطان: ما علاقة مندوب السودان في الأمم المتحدة بحفظ أمن إسرائيل..!
انه مهموم بأمن إسرائيل في أكثر لحظات إسرائيل وحشية وهي تدك قطاع غزة على رءوس الفلسطينيين..!
هذا الرجل نموذج ومثال للذين مسختهم الوظيفة والمنصب ففارق كل معيار وحجة ومرجعية..!
بمقاييس الوظيفة هذا الرجل لا يصلح لأن يبقي في هذا المنصب ليوم واحد..!
المعهود من السفراء وأهل الدبلوماسية أن وظيفتهم وطبيعة عملهم تقتضى قدراً من الذكاء وأقصى درجات من التفطن لما يصرحون به، مع شدة الحذر في (ضبط العبارات) ووضعها في سياقاتها المناسبة وفق أسلوب الحكيم..حتى لا يتركون فرصة لخطأ الفهم أو سوء التأويل..!
لكن ماذا تقول في ما صنعت الإنقاذ طوال سنواتها الغبراء من (هلاهيل) وضعتهم في مقاعد الوزارة والسفارة..؟ وقد رأينا في ذلك البدع.. حتى أن شخصاً يقضي عشرات السنوات وهو في منصب السفير يتنقل حول العالم من عاصمة إلى أخرى..ثم يقع في أخطاء لا يقع فيها طلبة المرحلة الأولية فيتحدث عن أربع قارات تشن الحرب جملة واحدة على بلاده..! وكأنه لا يعرف حتى مبادئ الجغرافيا الأولية..والفرق بين القارة والدولة..وبين الترعة والمحيط..!
هناك سبب اقوي من ذلك لطرد هذا الرجل (من منطق مصلحة الكيزان والبرهان) فالرجل قد أشاد بمؤتمر باريس..! في حين أن جماعة رئيسه البرهان والاخونجية الكيزان وصفوا مؤتمر باريس بأنه (مؤامرة)..فكيف يشيد به مندوب حكومة جبريل أمام الأمم المتحدة..!
هؤلاء هم سفراء الإنقاذ؛ احدهم سمسر في عقارات الدولة وقبض العمولة..وآخر صفع سائق السيارة بسبب (مشتروات البقالة) ..وثالث ظهر أمام المحكمة في بلاغ من خادمة المنزل..وآخر (لهط) خزينة السفارة ومرتبات العاملين و(فحّط بها) إلى جزيرة نائية طالباً اللجوء..وخامس تم ضبطه في أعمال فاضحة في (حافلة عمومية)..فاكتفت رئاسة وزارة الخارجية بنقله إلى محطة خارجية أخرى..ولم يتم استدعاء أو مساءلة أي واحد من هؤلاء لأنهم يتمتّعون بحماية (المؤتمر الوطني) والحركة الإسلامية و(هيئة الذكر والذاكرين)..!!
لا يخجل السفير الحارث فيقول (متخذاً قدوته من سفاسف الفلول) إن الاتفاق الإطاري هو سبب الحرب…فيتحوّل إلى ما هو أسوأ من (زعارير السوشيال ميديا) الذي يتقيئون كل صباح ومساء على لوحات الكيبوردات و(أزرار الموبايلات)..أنعم وأكرم بمندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة..!
لقد أحصى المتابعون لخطاب السفير الحارث أمام مجلس الأمن (17 جليطة)..!! منها “5 فاولات دبلوماسية” و”3 كذبات صريحة) و”6 تزييف حقائق”..و”3 إشارات ضمنية” من باب التزلّف لجماعة الانقلاب..وضمان كسب الرضا والبقاء في إنعامات المنصب ودولاراته..!
لماذا تفعل كسرة الخبز بالناس هذه الأفاعيل فتمسخهم هكذا..؟! وبأي وجه يقابل أمثال هؤلاء البشر مرءوسيهم وأندادهم في الدراسة والعمل..وأهل بيتهم حين يضعون ثيابهم من الظهيرة..!
هل هكذا يستعبد المنصب طالبيه..وإلى هذا الدرك تستبد بالناس لقمة العيش فتجعلهم يغمطون الحق ويخوضون في الباطل خصماً على شعبهم الذي يقتطع من قوته وحياته لمرتباتهم ومخصّصاتهم و(كرفتاتهم).. الله لا كسّبكم…!
سودانايل – مرتضى الغالي