تُعَرَّف الحرب بأنها عملية صراع تندلع بين طرفين أو أكثر، حيث يكون هدف أحد الأطراف تدمير الطرف الآخر. وتتنوع أشكال الحروب العسكرية، التي تشمل القتال المسلح، والفكرية، التي تتمثل في الصراعات الفكرية والسياسية، وتشمل أيضًا زرع الفتنة بين أفراد الشعب الواحد. دخلت الحرب بالسودان عامها الثاني، فأصبح الوطن مسرحًا للدمار والخراب في أعين العالم. إنها كارثة لم تشهدها البلاد من قبل. المواجهة ليست مختصرة بين العسكريين، بل في بعض الأحيان بين مليشيا الدعم السريع والمدنيين الأبرياء، تستهدف الممتلكات العامة والخاصة، فتحولت إلى جحيم يخترق كل خلية في الجسد السوداني، و عصفت بكل نواحي الحياة. فدمرت كل شيء، خاصة في العاصمة وبعض الولايات. إذا نظرت حولك، لن تجد سوى آثار الخراب والدماء التي ترتعش منها الأبدان. حتى القرى أصبحت غير آمنة، وبعض المدن محاصرة. نشرت الحرب شراراتها وويلاتها في كل بيت سوداني. حيث وجد الشعب نفسه في “محرقة” بسبب الصراع على السلطة، وكان السبب المباشر للحرب وجود قوتين مسلحتين، اتسقت الاهداف الداخلية والخارجية مع بعضها ، منها اهداف قوى داخلية تبحث عن سلطة ، ودول خارجية طامعة في موارد البلاد. ومن هنا نتساءل: ما هي آثار الحرب على الشعب السوداني؟ تتجلى هذه الآثار في أشكال متعددة منها بشرية واقتصادية واجتماعية ونفسية. إذ شمل الدمار الكبير قتل وجرح الأبرياء، وفقدان الأمان في قلوب الناس، وتركت الحرب العديد من الجرائم والماسي المؤلمة في حق الأبرياء، فقدت عائلات بأكملها، وتم تدمير البنية التحتية والمرافق العامة والخاصة. وهاجر الكثير من الأسر من مناطق الصراع إلى المناطق الآمنة، سواءا داخل السودان أو خارجه، لتترك وراءها بقايا الألم والخوف. فالحرب دفعت الكثيرين إلى الفرار من جحيمها، بحثًا عن ملاذ آمن وقليل من العيش الكريم.
وقد تسببت الحرب في فقد التاجر لماله والموظف لوظيفته و هجر الطلاب للجامعات، والأطفال المدارس وباتوا يحتاجون إلى برامج للتأهيل والإرشاد النفسي. وأصبح الملايين من السودانيين يعانون هذا العذاب، الذي لم يكن محصورًا في الأجساد المصابة بالجراح، بل امتد إلى أعماق النفوس، فتركت جروحها وآثارًا عميقة على الأفراد والمجتمعات. إن السودانيين يحملون في أعماقهم ألمًا غائرًا، لا يمكن وصفه بالكلمات. ينتظرون اشراقة كل يوم جديد، يأملون فيه للعودة إلى الوطن، حيث يمكنهم بناء مستقبلهم وتحقيق أحلامهم. نتمنى جميعًا أن تأتي النهاية قريبًا لهذا الجحيم، وأن يعم السلام والاستقرار كل أرجاء السودان، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وتعود الابتسامة لتزين وجوه أبناء هذا الوطن . “غدًا نعود، حتمًا سوف نعود، إلى القرية الجميلة، إلى الكوخ الموشح بالورود.