انطلقت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم الإثنين (٢٧ مايو ٢٠٢٤م) فعاليات المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”.
وشملت افتتاحية المؤتمر كلمة ممثل لجان المقاومة الذي دعا إلى ضرورة تعزيز روح التعاون والتضامن بين مختلف المجتمعات الدينية والثقافية في السودان، والعمل معًا على تحقيق العدالة والسلام والازدهار لكل فرد في هذا الوطن.
نص كلمة ممثل لجان المقاومة
نص كلمة ممثل لجان المقاومة في الجلسة الافتتاحية المؤتمر التأسيسي التي ألقاها الأستاذ عبدالرحيم محمد علي الشيخ اليوم الاثنين ٢٧ مايو ٢٠٢٤م
المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”
كلمة ممثل لجان المقاومة في الجلسة الافتتاحية – الاثنين 27 مايو 2024م
حرية سلام وعدالة، خالص التحية لشعبنا المناضل ومجدًا لشهداء وجرحى الوطن الكبير السودان،
الحضور الكريم بمختلف مقامتكم،
وبعد التحية والسلام،
يسرنا أن نرحب بكم اليوم في هذا اللقاء التأسيسي التاريخي، الذي يجمع بين ممثلين من مختلف الأطياف الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية لكل شعوب السودان.
إن تنوعنا الديني والثقافي والاجتماعي هو إرث الأجداد، وهو ما يشجعنا على التمسك به لبناء هوية سودانية عبر تعاقدنا الاجتماعي الذي يجمع ولا يفرق بين السودانيين. هذه التنوعات هي مصدر الثراء والتميز وبناء نهضتنا الوطنية.
هذا الوطن الجميل والجريح بفعلنا وفشلنا التاريخي، تشكل عبر التنوع في الثقافة والتقاليد والدين وغيرها. نعتز بتاريخنا الغني الذي ساهمت في تشكيله كل شعوب السودان بتدافعها الإيجابي في داخل روائع من صيرورة النيل والصحراء والسهول والسافانا.
اليوم، وفي هذا المنبر، ندعو بإلحاح إلى أهمية الاحترام والتعايش السلمي بين كل السودانيين. نحن نؤمن بأن قوة السودان تكمن في تلاقي هذه الثقافات المختلفة، وأن التنوع الديني والثقافي يمثل مصدر إلهام وغنى يجب أن نحافظ عليه ونعززه. إن تعددنا ليس عائقًا بل هو ثروة نفتخر بها ونعتز بها في بناء مستقبلنا المشترك. ولذا، نؤكد على أهمية الجندرة في معالجة قضايا المرأة والشباب، فهم جزء لا يتجزأ من نسيج مجتمعنا، ودورهم أساسي في بناء مستقبل السودان.
لذا، فإننا ندعو إلى تعزيز روح التعاون والتضامن بين مختلف المجتمعات الدينية والثقافية في السودان، ونعمل معًا على تحقيق العدالة والسلام والازدهار لكل فرد في هذا الوطن العزيز.
السيدات والسادة أعضاء المؤتمر التأسيسي،
الحضور الكريم،
نلتقي اليوم في أديس أبابا، في هذا المؤتمر التأسيسي التاريخي، ونحن نحمل في قلوبنا آلام شعبنا وأحلامه، ونقف على أعتاب مرحلة جديدة من مسؤوليتنا تجاه وطننا السودان. إن وجودنا هنا اليوم ليس مجرد لقاء عابر، بل هو إعلان عن بداية جديدة، عن عهد نضع فيه نهاية للظلم والمعاناة، ونبني فيه سودان العدالة والكرامة والإنسانية.
تتضمن أجندة هذا المؤتمر موضوعات مصيرية تهدف إلى إعادة بناء السودان على أسس قوية ومتينة، بدايةً بالعون الإنساني، مرورًا بمحاربة خطاب الكراهية، وصولاً لرؤية سياسية هدفها وقف الحرب واستعادة المسار الديمقراطي.
السيدات والسادة:
إن السودان اليوم ينزف جراء حرب طاحنة مزقت أوصاله وأرهقت شعبه. هذه الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي كارثة إنسانية تسببت في تدمير البنية التحتية، وتشريد الأسر، وقتل الأبرياء. لقد عانى السودانيون بما فيه الكفاية، وآن الأوان لوضع حد لهذه المأساة.
الفئات المتصارعة في السودان ألقت بظلالها السوداء على حياة المواطنين، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولكننا نؤمن بأن الحل لن يأتي من فوهة البندقية، بل من الحوار والتفاهم والعمل الجماعي. إننا في لجان المقاومة ندرك أن معاناة المواطن السوداني ليست حالة مؤقتة بل هي نتيجة لعقود من الظلم والإهمال والفساد. نحن هنا اليوم لنضع حدًا لهذه المعاناة، ونعمل على بناء سودان قوي وعادل يتسع للجميع.
إننا نؤكد على دور المرأة السياسي وضرورة إشراكها بشكل فعال في جميع جوانب الحياة السياسية. فالمرأة السودانية كانت دائمًا رائدة في النضال من أجل حقوقها وحقوق مجتمعها، ويجب أن تُعطى الفرصة الكاملة للمساهمة في صناعة القرارات التي تؤثر على مستقبل السودان. مشاركة المرأة ليست مجرد مطلب حقوقي، بل هي ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
الحضور الكريم،
إن استعراض توصيات ورش العدالة الانتقالية والبناء الأمني والعسكري والترتيبات الدستورية والحكم المحلي يعكس رغبتنا الصادقة في بناء دولة قوية وعادلة، تقوم على أسس القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان. نحن مصممون على وضع رؤية سياسية واضحة، وتطوير خارطة طريق تضمن الانتقال السلس إلى حكم مدني ديمقراطي يحقق تطلعات شعبنا في الحرية والعدالة والكرامة.
إن الرؤية السياسية وتطوير خارطة الطريق التي سنناقشها اليوم ليست مجرد خطوات تنفيذية، بل هي حلم أمة وأمل جيل بأكمله. نسعى إلى بناء دولة مؤسسات حقيقية، تعمل بكفاءة وشفافية وتخدم مصلحة المواطن قبل أي شيء آخر.
وأخيرًا، فإن النظام الأساسي والهيكل التنظيمي الذي سنناقشه سيكون الركيزة التي سنبني عليها مؤسساتنا، لضمان عملها بكفاءة وشفافية. نحن ملتزمون ببناء مؤسسات قوية ونزيهة تخدم المواطن السوداني وتحقق مصالحه. لن نقبل بعد اليوم بأي تهاون أو فساد. سنبني سودان المستقبل على أسس من النزاهة والكفاءة والعدالة.
السيدات والسادة أعضاء المؤتمر التأسيسي،
الحضور الكريم،
إن هذا المؤتمر يساهم بشكل كبير في إيقاف الحرب وبناء الدولة السودانية، دون تحيز لأحد أو قبيلة أو فئة أو طائفة. نحن هنا لنوحد جهودنا، ولنجعل السودان فوق كل اعتبار. إننا نؤمن بأن السودان يستحق الأفضل، وشعبنا يستحق العيش بكرامة وسلام. ولكن لتحقيق ذلك، يجب علينا أن نعالج آلام الماضي ونصحح أخطاءه، لنمضي قدماً نحو مستقبل أفضل. فقط من خلال مواجهة حقائق الماضي بشجاعة، يمكننا بناء غدٍ أكثر إشراقاً لأجيالنا القادمة.
وندعو هنا وبكل وضوح وصراحة القوات المسلحة لوقف انتهاكات الحرب وقصف المدنيين بالطيران الحربي وإلى الانضمام إلى عملية التوقيع من أجل وقف الحرب، والالتزام بمسار السلام والعدالة. إن مسؤوليتكم تجاه الوطن والشعب تتطلب اتخاذ خطوات جريئة نحو إنهاء الصراع وبدء مرحلة جديدة من البناء والتعاون.
كما نوجه دعوة صريحة وقوية لقوات الدعم السريع بوقف الانتهاكات في حق المدنيين وعدم توسيع رقعة الحرب. إن الانتهاكات المستمرة تزيد من معاناة الشعب السوداني وتعيق جهود السلام. نحن نطالبكم بتحمل مسؤولياتكم الوطنية والإنسانية.
نود أيضًا أن نسلط الضوء على معاناة لجان الطوارئ الذين يواجهون تحديات جسيمة وانتهاكات خطيرة خلال هذه الحرب، حيث يتحملون مسؤوليات كبيرة في ظل ظروف قاسية. جهودهم الجبارة تستحق التقدير والدعم، فهم يعملون على تخفيف معاناة شعبنا في أصعب الأوقات.
ختامًا، نتوجه بالشكر لكل من ساهم في تنظيم هذا المؤتمر، ونعاهد شعبنا بأننا سنعمل بجد وتفانٍ لتحقيق تطلعاته وأحلامه في سودان يسوده السلام والعدل والرخاء. نحن هنا اليوم لنقول للعالم أجمع: إن السودان قادم، قادم بروح جديدة، بروح العدالة، بروح السلام، بروح التغيير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.