أجمع مراقبون سودانيون ومهتمون بالشأن السوداني من دولة مصر، خلال ندوة بعنوان ” السودان بين التصعيد العسكري وفرص السلام” أقيمت بمركز آتون للدراسات بالعاصمة المصرية القاهرة الأربعاء ( ١٢ يونيو ٢٠٢٤م) أجمعوا على ضرورة المحافظة على وحدة السودان وعدم تفتته، مؤكدين في الوقت ذاته على دعم فرص إنجاح المبادرة المصرية لجمع القوى السياسية السودانية للمساهمة في حل الأزمة السودانية، ووقف الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
الإدانة وعدم الانحياز:
أكد إمام الحلو رئيس لجنة السياسات الخارجية بحزب الأمة القومي خلال حديثه بالندوة ، أن موقف الحزب قائم على إدانة الحرب ووقفها وعدم الانحياز لأي طرف من طرفيها.
وقال الحلو إن الحرب بين طرفين يتبعان لنظام الإنقاذ المباد، مشيرا إلى أن الاكتفاء باقتلاع رأس نظام الإنقاذ فقط ووجود بقية مكوناته في الدولة عزز السلطة المشتركة للجيش والدعم السريع لإدارة السلطة الانتقالية، لافتا إلى أن هيمنة المكون العسكري على الفترة الانتقالية أدت لنشوب الحرب، وقال إن الحل يؤسس على عدم دخول الجيش كمنظومة عسكرية في السياسة والاقتصاد، ونادى بحملة شعبية لإيقاف الحرب، على أن تقوم بهذه المهمة القوى السياسية والمدنية بالداخل والخارج.
ولفت إلى إحصائيات تتحدث عن سقوط (١٥٠) ألف قتيل و(١٠) ملايين شخص مابين نازح ولاجئ داخل وخارج السودان، وحذر من أن توسيع رقعة القتال سيؤدي إلى حرب أهلية شاملة، فضلا عن خطورة فتح الباب للتدخلات الخارجية غير الحميدة لتأجيج الحرب والاستفادة من ثروات السودان، وتقسيم السودان لدويلات، مؤكدا على ضرورة كسر النظام اللوجستي للطرفين ووقف إمدادات الأسلحة من الخارج.
انقسام المكونات السودانية:
من جهته تحدث السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية المصري السابق، عن العلاقات السودانية المصرية والمصالح المشتركة بين البلدين والأمن القومي المتبادل، مبينا أن مصر يهمها المحافظة على وحدة السودان.
وأشار السفير إلى ظاهرة الانقسام بين المكونات السودانية، من أحزاب وأطياف المجتمع السوداني حول الثروة والسلطة منوها بأن هذه الصراعات تفاقم وتزيد من تأزم الموقف، وقال إن وراء كل طرف في هذا الصراع طرف خارجي، وأبدى تخوفه من المخاطر المحدقة بالسوادن، مثل تفتيت البلد لأن الصراع له خلفية إثنية، وهذا قد يؤجج النعرات، وأضاف ربما هناك قوى خارجية تغذي النزعة الانفصالية.
وتطرق السفير إلى عدة مبادئ لحل الأزمة، تتمثل في المحافظة على وحدة السودان، وعدم التدخل في الشأن الداخلي وحل المشكلة من قبل السودانيين أنفسهم وأن الحل لن يأتي من الخارج.
وحول كيفية التوصل إلى تسوية قال إن علينا أخذ ما هو إيجابي من المبادرات التي حدثت وميلان الشعب السوداني للجيش، على أن يكون جيش مهني غير مسيس ويشمل كل أطياف الشعب السوداني .
وأمن السفير على معالجة الأزمة، عن طريق توافق القوى السودانية، على مجموعة من المخرجات دون تدخل خارجي، ونادى بضرورة وجود أربعة مسارات تتمثل في المسار الأمني العسكري بوقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية، والمسار الإنساني بمعالجة الأزمة الإنسانية، والمسار السياسي بالاتفاق على حكومة مدنية قوامها الكفاءات بمرحلة انتقالية مدتها سنتين، فضلا عن مسار إعادة البناء.
وأكد على أن المبادرة لابد أن ترتبط بمنبر جدة ومنبر دول الجوار لافتا إلى أن المبادرة المصرية مبادرة اجتماعية دون أن يكون هنالك تدخل من الجهات الرسمية المصرية التي ترعى المبادرة فقط، مبينا أن المبادرة مصرية والسودانيون هم الذين يحددون مدى قبولها ونجاحها.
تفادي الأخطاء السابقة:
من ناحيته قال صديق الهندي رئيس الحزب الاتحادي “المركز العام” إن الأزمة في السودان معقدة ومرحلة وتتمحور حول أزمة الصراع على الديمقراطية، مشيرا إلى أن الشراكة في حكومة الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر المجيدة، اتضح أنها كانت بين قادة الثورة وبقايا النظام القديم، مبينا أن فض الاعتصام هو انقلاب على الاتفاقية الهشة بيت العسكريين والمدنيين، وأن القوى العسكرية للنظام القديم أصبحت موجودة ومتحكمة.
وأكد الهندي على ضرورة إيقاف الحرب مشيرا إلى ملاحظة غياب القوى المدنية غير المنحازة من المبادرات، مما جعل كل المبادرات وكأنها تقرأ من كتاب قديم.
وأعرب عن أمانيه أن تتفادى المبادرة المصرية تكرار الأخطاء السابقة، مؤكدا أن طرح المبادرة وقبولها يتوقف على قبول الشعب السوداني لها.
واعتبر رئيس الحزب الاتحادي “المركز العام” أن الجيش السوداني أخفق في تحمل مسؤولياته الدستورية ويجب مساءلة من تسببوا في ذلك الإخفاق، ونوه بأن المبادرة المصرية لديها القابلية للنجاح.
ضعف القوى السياسية:
بالنسبة لـ السماني الوسيلة رئيس المكتب السياسي بالحزب الاتحادي الأصل، فقد أكد أن إيقاف الحرب يستدعى معالجة ضعف القوى السياسية، مناديا في الوقت ذاته بضرورة توحد القوى السياسية السودانية.
وقال السماني إن الحرب انتقلت من تغيير سلطة، إلى حرب ضد الشعب بأكمله ومحاربة كل البلد وبكل مقتنياتها، ونوه السماني بالتدخلات الخارجية في الحرب، لافتا إلى وجود اتهامات لدولة الإمارات بالمشاركة في الحرب من قبل مراكز وجهات كثيرة غير السودان.
الحرب الأخطر:
من ناحيتها تطرقت الأستاذة أسماء الحسيني مدير تحرير صحيفة الأهرام التي أدارت محاور الندوة، تطرقت إلى الدور الإعلامي في حرب السودان وقالت إن هنالك حرب أخطر تدور في ساحات الإعلام، وأوضحت أن الحرب زعزعت كيانات السودان مما انسحب ذلك على الإعلام وأصبح الإعلاميون منقسمون بين طرفي القتال، وأكدت أن الحرب الدائرة في السودان تحتاج إلى إعلام يستعرض ثقافة السلام، ويقدم الحلول ويعبر عن معاناة الشعب السوداني، وأضافت هنالك عوامل منعت بعض الإعلاميين من القيام بهذا الدور نتيجة للواقع السئ الذي يعيشونه في ظل الحرب فضلا عن التعتيم.
وقالت مدير تحرير صحيفة الأهرام إن الصحافة في مصر من المفروض أن تقوم بدور أكبر من هذا تجاه الحرب في السودان.