أحياناً يشعر المرء بالعزلة رغم وجودة وسط زحمة الناس، هذا الاحساس ذكرني بعزلة الحبس الانفرادي في إحدى زنانزين بيت الأشباح الذي حبست فيه في عام 1994م بالخرطوم إبان حكم نظام الإنقاذ.
وجدت حينها نفسي أسير حالة من حالات الهضربة والأحلام الضبابية إبان ساعات نومي المتقطع بسبب القلق على الأسرة و الأهل والوضع في السودان.
رأيت في المنام أنني أطلع على إعلان بإحدى الصحف ويظهر بالقرب مني أسد محبوس يحاول الخروج من محبسه فخرجت من المكتب بحذر شديد وأغلقت باب المكتب خلفي.
ظللت في المنام أبحث عن صديقي فضل الله محمد فوجدته في كامل صحته عليه رحمة الله ورضوانه وكنت قد شاهدته اخر مرة في التلفزيون وفي حفل توزيع شهادات تقديرية لعدد من الصحفيين وهو يجلس على كرسي.
أناأيضاً تأثرت بعاديات الزمان حيث أصبحت منذ فترة أعاني من خلل في ركبتي اليسري أثرت على حركتي وأآصبحت أستعين بعصا في السير، لكنني وجدت في المنام أنني بكامل صحتى الجسمانية وكذلك صديقي فضل الله محمد الذي قدمت له طلباً للعمل معه في الصحيفة التي شرع في تأسيسها .
استيقظت فوجدت نفسي في هذه القارة الرحيبة التي احتضنتنا ووفرت لنا سبل الحياة الحرة الكريمة ولم أقصر من جانبي -على قدري – في حسن استغلال الفرص التي أتيحت لي لكتابة عمودي الصحفي “كلام الناس” بفضل الله وتوفبقه في بانوراما والتلغراف بسدني والصدى نت في لوس أنجلوس بامريكا وأخبار المدينة في كندا وفي بعض المواقع الالكترونية والقروبات المجتمعية.
الغريب في الأمر الشعور بالعزلة في استراليا التي وفرت لنا الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية والدعم المادي والإجتماعي، إضافة للدروس الحية التي تمشي على قدمين التي يجسدها عملياً كبار السن من الجنسين الذين يستمتعون بحياتهم بحيوية ونشاط.
هذه المشاهد الحية لكبار السن في أستراليا ذكرتني بما قاله الشاعر السوداني صلاح أحمد ابراهيم في قصيدته الرائعة “الطير المهاجر” التي خلدها فنان أفريقيا عبقري الأغاني السودانية محمد وردي عليهما رحمة الله وبركاته :
وإن تعب منك جناح في السرعة زيد.