بيانات الأحزاب دعوة للتصعيد أم لفتح حوار؟

بيانات الأحزاب دعوة للتصعيد أم لفتح حوار؟
  • 17 يوليو 2024
  • لا توجد تعليقات

زين العابدين صالح عبدالرحمن

دائما تصدر الأحزاب بيانات لكي تحدد موقفها من الأحداث الجارية، أو تلك التي قد فرضت نفسها على الساحة السياسية، و تكون غالبا مادة للحوار، و أيضا تصدر بيانات لكي تقدم رؤيتها في قضايا مطروحة للحوار، و البيانات رغم أنها تشكل حالة انتباه للقوى السياسية الأخرى، و أيضا هي تمثل مادة إرشادية لعضوية الحزب في حوارهم مع التيارات الفكرية الأخرى، و أيضا تصبح مادة إرشيفية و ثائقية للدارسين، و من هنا تصبح أهمية البيانات الحزبية.. و مع تطور العمل الحزبي و وسائل الاتصال تفضل الأحزاب الإلتقاء المباشر بين قيادة الحزب و الإعلام أو الجمهور في لقاء مفتوح تطرح فيه القضية المناط توضيحها لحوار تتناول كل جوانبها من خلال الحوار..
و في هذا المقال؛ أريد أن السلط الضوء على بيانين حزبيين متناقضين في المواقف، رغم يضمهما تحالف واحد، الأول صدر من حزب الأمة القومي، و ممهور بتوقيع فضل الله برمة ناصررئيس الحزب. و الثاني من التجمع الاتحادي موقع المكتب التنفيذي..

يقول حزب الأمة في بيانه ( تعيش بلادنا ظروف حرب شعواء منذ 15 أبريل من العام الماضي، ازهقت الأرواح ودمرت البلاد وأذلت العباد، وأفرزت تداعيات كارثية، إن المهمة التي لا تقبل التأجيل هي السعي لإيقافها فوراً، وهذا يتطلب التحلي بالمسئولية والارادة وتقديم التنازلات لصالح الوطن، وإننا نطلق نداء الواجب الوطني بالتنادي والتوحد من أجل وقف الحرب وتخفيف معاناة شعبنا وبناء المستقبل، وإننا في حزب الأمة القومي حريصون علي العمل المشترك مع كل القوى المؤمنة بالسلام والرافضة للحرب لإعادة الأمن والاستقرار والتحول الديمقراطي.) تشكل هذه الفقرة ذبدة حمولة البيان، و تتلخص في ثلاث قضايا.. الأولى تقديم تنازلات متبادلة بهدف فتح باب للحل.. الثاني وقف الحرب وفقا للتنازلات المطلوبة من قبل الجميع.. الثالثة وضع البيان شرطا مناط الأخر بتأكيده و ليس حزب الأمة و يتمثل في الإيمان بعملية التحول الديمقراطي.. البيان مؤسس على نفس هاديء، ينبيء أن هناك تحول في خطاب حزب الأمة، و هدوء لغة البيان تمثل الرجوع لخط الإمام الصادق المهدي..

الرجوع إلى الإرث لإصلاح المسير يقول الحزب في فقرة أخرى ( وفي إطار سعينا لتحقيق هذا الهدف الكبير، فإننا كقيادات للحزب نعمل من أجل هدف واحد وبروح المحبة والأخوة، منطلقين من مبادئ الحزب وأسس حراسة مشارع الحق وإستراتيجية خلاص الوطن) و يضيف البيان (سيظل حزب الأمة القومي بكل قياداته وكوادره وقواعده أميناً علي مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة، ويتعامل الحزب بكل جدية مع التعقيدات التي أفرزتها الحرب وفق نهج قومي، ونسعى لحل سياسي للأزمة الراهنة ) كما ذكرت أن الحزب لكي يقدم على هذه الخطوة رجع لإرث الحزب السياسي منذ مؤسسه السيد عبد الرحمن المهدي و الإمام الصادق.. و هذه فضيلة تشكر عليها قيادة الحزب تصحيح المسار وفقا للحوار الذي يقبل التنازلات من أجل عيون الوطن… القضية الأخرى التي يريد أن يرسلها البيان أن الخلاف في القيادة و خاصة هيئة الرئاسة قد تم إصلاح الصدع، الأمر الذي يزيل الخلافات و يريد الحزب أن يظهر بثوب جديد حتى في الخطاب.

في المحطة الأخر؛ أصدر التجمع الاتحادي بيانا أكد فيه على عدد من القضايا الداخلية و التي لها علاقة بالحرب و الصراع السياسي الدائر، و جاء في البيان ( لقد اختط التجمع الاتحادي منذ ثورة ديسمبر المجيدة موقفا سياسيا يستند على مرتكزاته الفكرية و مواقفه التاريخية التي تقوم على مناهضة الأنظمة الديكتاتورية و الشمولية ثم العمل مع حلفائه في قوى الحرية و التغيير) و يضيف البيان ( العمل على عزل حزب المؤتمر الوطني و واجهاته و العمل مع قوى الثورة لإزالة التمكين الذي مارسته الحركة الإسلامية) البيان لا يحمل جديدا غير فصل عضوية من الحزب، و فيه مغالطات تحتاج إلي توضيح ما هي المرتكزات الفكرية التي تؤدي إلي الفصل دون تحقيق مع هؤلاء أو فصل بسبب اختلاف الرؤى؟.. السؤال الأخر ما هي المواقف التاريخية لحزب تكون قبل أربعة سنوات، و إذا كان الاعتقاد أنهم يرجعون لتاريخ الاتحاديين الأوائل و الاستناد لقرار الزعيم أسماعيل الأزهري ” إلي من يهمه الأمر سلام” هذا كان موقفا خطأ، و تم نقده لأنه يخالف مبادي الديمقراطية إلي تستوجب الالتزام بالقوانين و اللوائح… أما الموقف من المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية، أيضا كانت سببا في فشل الفترة الانتقالية لكن المسألة أظن لها علاقة تتعلق بالتزام موقف خارجي .. أما قوى الثورة أنتم خسرتوها قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021م و قبل الحرب، و الشارع أصبح مناهض لكم منذ ذلك التاريخ إلا إذا تريدون لوي عنق الحقيقة..

في فقرة أخرى جاء في البيان ( قد اختار بعض الأشقاء من أعضاء الحزب طريقا مخالفا للضوابط التي تحكمنا تنظيميا و سياسيا و إعلاميا بإسقاط عضوية خمس أعضاء) اعتقد هذه مسألة صورية تتعلق بالتنازع على أٍسم الحزب، و انتم لا تملكون صكوك قانونية تجعلكم أنتم الأصل، هؤلاء أيضا جزء من الحزب و يتمسكون به.. كان الاعتقاد أن الرجوع إلي الضوابط الفكرية و المواقف التاريخية تحتم عليكم مراجعة مواقفكم، و الابتعاد عن شطط اليسار الذي يحتضر، و أن تقدموا على الحوار بقوة، لأنه طريق التحول الديمقراطي، أما الثورية التي تحاولون بها مغازلة الشارع و الشباب، الرجاء إطلاعنا فكريا على علاقتها بالديمقراطية، و أن تبينو لنا أية ثورة في العالم قد قادت إلي تحول ديمقراطي… نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com

التعليقات مغلقة.