واحد من أعز أصدقائي ، صحفي ومثقف وشاطر وذكي جدا ، كان عنده رأي سلبي في الفنان محمد وردي ، بقول لي انا وردي دا نهائي ما بيطربني وما عارف ليه الناس عامله ليه الهاله المقدسه دي . كنت بضحك واقول ليه انت حارم نفسك من الجنه .
لما وردي رجع السودان في الالفيه الثانية كنت انا بعمل في المملكه العربيه السعودية ، اتصل بي صديقي الصحفي دا وقال لي والله يا أمير انا متصل بيك مخصوص عشان احكي ليك حاجه عجيبه حصلت الليله في مباني الجريدة بتاعتنا . وبدأ يحكي :
جيت من الصباح لقيت في حركه غير طبيعية في الجريدة ، اهتمام بالنظافة والترتيب ونشاط غير عادي . سألت عن السبب ، قالوا الفنان محمد وردي الليله جاي زيارة للجريدة . ضحكت وقلت في نفسي ، والله انتوا ناس ما عندكم شغله . وبعد الظهر جا وردي داخل الجريدة . والله يا امير وانت عارف انه انا وردي دا ما بيعني لي اي حاجه ، لكن الحصل الليله دا لخبطني لخبطه عجيبه . بي لهفة قلت ليه الحصل شنو . قال لي : الراجل دا مما وصل الجريدة قلب حالها فوق تحت ، راجل عنده سطوة عجيبه ، الناس كلها فرحانه بيه وماشيه وراه ، حتى الادارة العليا العاملين فيها ناس جادين وصارمين واصحاب مقام عالي والله بقوا ماشيين وراه وكأنه رئيس دولة ولا وزير . كان بيتحرك جوه الجريدة وكأنه هو المالك للجريدة وللمقر . وكأنه هو قاعد جوه بيته ونحن الجيناه زياره ، ياخ حتى انا القعدت في البرنده وقلت ما حشتغل بيه لقيت نفسي بتابعه بعيوني ومركز معاه ومع كلامه . ورغم الهاله دي هو كان عادي جدا وبيتكلم بعفويه ولسان نوبي ساخر و كأنه الحاصل حوالينو دا حاجه عادية . الراجل دا في ثواني قدر يسيطر على المشهد بالكامل . ياخ فعلا زول عنده كاريزما وسطوة عجيبه . ( انتهى حديث صديقي ) .
فعلا هذا هو وردي الذي يدهشنا وهو يغني ويدهشنا وهو يتحدث ويدهشنا وهو يتونس ونسه عاديه . حين يقف على خشبة المسرح له حضور طاغٍ وجاذبية عجيبه تجعلك تتابعه بكل حواسك وتكتشف بأن وردي لا يغني الاغنية ، بل يحكيها ويمثلها على المسرح . وردي على المسرح كشكول متكامل من مطرب ودرامي و حكاي وقائد اوركسترا واستاذ تربية وطنية . باختصار : وردي حاوي .
رحمه الله بواسع رحمته