مدى الترابط بين المكونات فى التاريخ والتراث
إن ذلك المتأمل لا يعجزه استبصار التباين بين تلك المكونات فى التاريخ والتراث وضعف الأمشاج فيها. وتجلى ذلك فى أربع ظواهر،هي :
الأولى،إن منطقتي النوبة والبجة فيهما شئ غير قليل نسبيا من التاريخ المكتوب والآثاري المكشوف والشفاهي المروي المعلوم.
الثانية،إن منطقتي الغرب والجنوب فيهما نذر قليل ومتفاوت من أنواع ذلك التاريخ . وقلة الوجود أو ضعفه لا تعني أنه لا تاريخ فيهما، لأنه لم يبحث بعد أو ينقب أو يجمع.
الثالثة، إن منطقة النوبة حظيت فى تاريخها بمختلف حقبه بحضارات ذات شخصيات متفردة ومتصلة ومتتابعة مثل كرمة ( شار بوني) وكوش ( ومن يمن الطالع بين يدي الباحثين الآن الترجمة الكاملة للألواح الملكية الكوشية فى أربعة أجزاء) ومروي (بيتر شيني وعبد القادر محمود).
الرابعة ، إن المنطقة شهدت عبر العصور تواصلا أو احتضان حضارات مختلفة وثقافات متنوعة ، وأديان شتى وهجرات متعددة وصهرتها فى بوتقتها وأنتجت حضارتها المتفردة.
إن عدم التوازن بين مناطق السودان الحديث / المعاصر فى هذه الظواهر لم يساعد على الاندماج بين مكوناته المختلفة وربما ساعد على الضد بإفراز الروح المنفرة المستعلية، وأضافت إليها مدارس قراءة ذلك التاريخ على الأغلب وبالا على وبال.