( 1 )
أيهاا الناعي رويدك، إن نعيك أليم،ونبأه جد عظيم. أحقا رحل المصطفى وهو منذ الطفولة مختار رحيم!؟ أحقا رحل من حقق خلافة الله فينا وزينها بالود والمحبة والتكريم !؟ أحقا رحل “البلك” وهو للناس درع وترس وضرس وهو حليم !؟
أيها الناعي رويدك إنما تنعي الخير فينا ؛خبرناه منذ الطفولة إلى مماته ، ملاكا حل بين الناس وهو إنسان.عجيب أمره لا يتغير ولا يتبدل فى قيمه العظمى وأفعاله الكبرى،ثابت يقول للراسيات إني منكم أعظم. فهل أراد الله له أن يكون المثال المقتدى !؟ أليس هو المصطفى الخليفة المجتبى !؟
رويدك أيها الناعي إن التناغم فى الكون سنة لا تحول وبين البشر قليل، وإن حدث فهو عنوان القبول. رزق المصطفى رفيقة درب “بثينة،” وهي من طينته، وتكمل وتزين وتزيد، ولا غرو فهي صفية
نقية ،وجيفها هفيف ، ودمعها قريب، وودها نحيب. وكل اسم فى البيت عن تلك القيم ينطق وعن تلك المعاني يعبر؛ إن الإنسان المكرم بعد رهق ومشاق منتصر ، وكسبه مبارك ، وقضاء الله فى كل عطاء هبة، وعليه بالطمأنينة والسكينة ، والإبطاء يا “بطة” فضيلة.
رويدك أيها الناعي إنه المصطفى الخليفة البلك كأني به ولد متشحا الحزم، متسربلا العزم، ثوبه الحلم، ملاذه الصبر. وإذا ضحك يتبسم، وأذا غضب كأنه يضحك. هكذا عرفناه فى الطفولة فى الملجا فى أزقتها وفسحاتها ونحن مع أخوته الأسن ، دوله وصديق وعثمان، نلعب حينا ونتشاجر حينا وقد نتعارك فى هنيهة، وهو صغيرهم جالس على البعد يناظر متفرجا وربما يتعجب ولا يزيد عن حركة برأسه يمنة ويسرة أو يمدد شفتيه وهو يستغرب ولا يتفاعل بالذى يجري ولا به ينفعل، أليس هو المصطفى !!؟.
( 2 )
ودار الزمان دورته وعشنا معا فى رياض الخير عقودا عديدة وأزمنة مديدة وأياما سعيدةة. وكنت به لصيقا وبتوجهاته السياسية والاجتماعية خبيرا، واحيانا معه مشاركا أو معي مشاركا. وحكمته قيمه التى ولدت معه وتأصلت فيه، بيد أنه أفرغ وسعه فى خدمة أبناء توتى فى مغتربهم السعودي سيما رياض الخير، وبيته مفتوح، وسماطه ممدود، وخيره موفور، وذراعه مبسوط يتلقاك وكأنك غبت عنه عدد سنين، شنشنة فيه معروفة مشهورة حتى وهو طريح الفراش مشلولا صابرا، تأتيه أو تهاتفه معايدا يبادرك بالسؤال عن حالك وأحوال من حولك. وينعقد لسانك وتلجمك الحيرة فمن الزائر ومن المزار !!
أبعد كل هذا تعجب أن يستجن حبه فى أفئدة أهله تواتة مغتربه، ويغدو بيته محجة لهم أو يولونه رئاسة أمرهم فى ساعة الشدة أو أن يكرمونه فى حياته والمرض ناشب ،وتقاطرت إليهم وفود التواتة من شتي بقاع المملكة ومدنها، وأصبح حدثا يؤرخ به.
( 3 )
حنانيك أيها الناعي هل يختتم ذكر المصطفى الخليفة البلك من غير وقفة مع أبرز حدث فى حياته وحياتنا أجمعين ذلك هو مولد مبارك الحفيد .عجب لبيتك، أخوك الأكبر مبارك والإبن مبارك والحفيد مبارك، وبيتك عمته البركات وهو سعيد، والجد الأعلى سعيد،توال عجيب غريب !!! وللمقال مزيد.
أيها الناعي تمهل قليلا، كان لميلاد الحفيد موعد مع القدر لابتلاءات المصطفى الأمر صدر. وولد الطفل برعاية الله ثم بتوجيه خادم الحرمين وببراعة نطاسين زهر خاطوا الممزق من أحشائه، وسلم الطفل، واحتاج إلى رعاية شاملة وعناية فائقة، وكان المصطفى لهما
حاضرا، وللتكليف الأبوي محتضنا فرحا ومثابرا. ودام على ذلك سنين عددا. ونبغ الطفل المقعد المتقد الذهن المتوقد العقل وأصبح أسطورة الرياض فى محافلها الرياضية ومناسباتها الاجتماعية. وما لبث إلا حينا وإخترمه المنون، وما جزع صاحبنا وصبر كالعهد به وانتصر على نفسه كما فعل من قبل
ومن بعد.
رويدك أيها الناعي ،نعم إنه المصطفى الخليفة البلك أحد صناع التاريخ الذين لا يذكرهم الرواة وينساهم المؤرخون ،ونحن لا ننسى، وربك لا ينسى.ألم يكن المصطفى بيننا الأبر الأرحم، الباذل الأكرم، النقي الأكرم، عفيف اللسان وصمته كلام، وصبره سجية وحبه للناس شيمة مكينة فكيف ينسى ولا يذكر !! رويدك أيها الناعي ، إني وكل الأحباب أياه سنفتقد والدمع يتسلسل والقلب يتقرح.
يا أيها الراحل إنا ندعوك وأنت تسمع ولا تنطق ماذا يريحك غير الدعاء فإنا إلى الله نتوجه ونجأر. اللهم إنك ناديت عبدك المصطفى الخليفة البلك فجاءك مسرعا كالعهد به معك .اللهم إنا نشهدك ونشهد حملة عرشك ونشهد ملاكتك ونشهد كل خلقك والناس شهودك فى أرضك أن عبدك حبيبنا المصطفى الخليفة البلك كان يحبك ويحب رسولك صلى الله عليه وسلم وكل من أحبك من خلقك، اللهم أجعل مع من أحب .اللهم جنبه ظلمات القبر وسؤالاته، والصراط وعثراته، وأرزقه الفردوس الأعلى من جناتك، وأذهب عنه الحزن وأدخله دار المقامة من فضلك لا يمسه فيها نصب ولا لغوب. وبارك لنا فى محبته، وأحفظنا وذريته بمكنون حفظك، وبارك لنا ما تبقى من أعمارنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه رجعون.
عزالدين عمر موسى
انديانا ، أميركا
٢٧ يوليو ٢٠٢٤م