وتنطلق من هذه الحقيقة الكلية ثلاث قيم رئيسة تستوجب التطبيق الواجب اللازم، وهي :
أولا؛ الحرية، وهنا تنبيه مهم ألا وهو أن التذكير هو وحده مهمة الرسل ومن ثم أتباعهم، وأما حساب الناس فأمره إلى الله وحده(( فذكر إنمآ أنت مذكر *لست عليهم بمصيطر * إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينآ إيابهم * ثم إن علينا حسابهم )) (الغاشية ٢١-٢٦).ومخالفة مجتمعاتنا لهذه الحقيقة الكلية الربانية أورثها إرهابا فى العقول والنفوس والممارسات فأظلمت الحياة بالاستبداد والاستعلاء، وحسب البعض أنهم ملائكة وأنى لهم .
ثانيا؛ العمل فريضة لازمة لكل الناس . وهذا باب واسع فى الحديث النبوي والحث عليه حتى لحظة قيام الساعة . وبهذا فإن العمل هو معيار الرفعة الاجتماعية والسياسية والدلالة واضحة.
ثالثا؛التعددية والقبول بالآخر نظام حياة وتعايش لأنه سنة ربانية حاكمة لكل الأشياء فى الكون والحياة (( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود * ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ، إنما يخشى الله من عباده العلماء، إن الله عزيز غفور )) ( فاطر ٢٧-٨٢) . وقد اهتدى العقل البشري إلى ذلك فى الفلسفة الكلية الحاكمة لفكره عابرا من ثنائيات اليونان والقروسطية إلى الحادية مع نيوتن والتي هيمنت على فلسفات القرن التاسع عشر وأخيرا مع نسبية إينشتاين التى فتحت الباب واسعا، ومن الخير أن تبدأ من حيث أنتهى الناس .
وتنطلق من كل هذا حقيقة واجبة الاتباع ونافذة تتمثل فى مشاركة الناس فى تسيير أمورهم بالشورى واجبة الاتباع لأنه هدي الرسول (ص) وأبدعت الحضارة الغربية وسائل لتحقيقها جد نافعة. ولهذا تصبح المؤسسية والديمقراطية من أنجع الوسائل فى تجاوز المعوقات للرؤية الجامعة المكرمة للإنسان فى سودان اليوم.
فإن فعلنا وتجاوزنا كل المعوقات حدثت الوحدة العملية والنهضة الباذخة و ساد العدل والمساواة والسلام ،وجاز لنا أن نهتف مع الشابي:
سأعيش رغم الداء والأعداء
كالنسر فوق القمة الشماء
وإذا حافظنا على النسر سلم الوطن وسلمنا. ولله أقدار.