▪️هي اﻷربع المربكات ﻹختراقهن المألوف وتجاوز بعضهن حدود إستيعاب العقل ، وحتى لانذهب بعيدا ندلف لذكرهن مباشرة وهن المعجزة – العلم – الكرامة والسحر. فهل هناك أوجه شبه فيما بينها ؟؟ وهل العلم وتطوره هو معجزات متجددة بصورة معاصرة لحركة الكون وتسارع أحداثه ومتغيرات أمكنته وأزمنته؟
▪️ أولا:- لابد أن نعرف أن المعجزة والعلم والكرامة هى مواهب إلهية مصدرها الله خالق اﻷكوان ، أما السحر فمصدره الشيطان ومن إتبعه من الجن أو بني اﻹنسان.
إذن ما الفرق بين المعجزة والعلم والكرامة؟؟ المعجزة نتيجة أو واقعة تقفز فوق أسس العقل والنقل فتضعهما في خانة العجز تماما فلا يستوعب العقل كيفية الواقعة أو تحقق النتيجة ، ﻷن المعجزة أرفع من العلم ، ولا يمكن نقلها كفعل إلى اﻵخرين وتدريبهم عليها ، وكمثال للمعجزات قوله تعالي علي لسان عيسي عليه السلام (إني قد جئتكم بآية من ربكم إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه واﻷبرص وأحيي الموتي بإذن الله ) آل عمران الآية 49 ، والمعجزات خص بها الله رسله وأنبيائه فقط.
▪️ثانيا:- العلم هو أيضا الوصول إلى ونتائج ووقائع جديدة ولكن وفق اسس التجريب والتدريب فتتحقق نتائج ووقائع مقبولة بمقاييس العقل والحواس والعلم هو فعل قابل للنقل إلى اﻵخرين .
أما الكرامة فهى نتيجة أو واقعة
مدهشة تشبه نتيجة العلم وإن خالفته فى طريقة حدوثها واختلاف مواصفات من تجري علي يديه فقد تقع الكرامة من أمي أو رجل لايعرف الكتابة والقراءة غير أنه إنسان صالح حسنت نيته وقويت صلته بالله.
والكرامات متجددة ماظل على وجه اﻷرض بشر ومن بينهم صالحون يسارعون فى فعل الخير وتنفيذ أوامر الله. وتظل مناداة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﻷحد قواد جيش المسلمين لﻹحتماء بالجبل (ياسارية الجبل ) وعلى بعد الآلاف الكيلو مترات نموذجا فريدا للكرامة الرفيعة التي أنجزت الاتصال الهاتفي قبل ظهور التليفون أو اللاسلكي أو الموبايل وهي منجزات العلم المتاخرة ، ومايجب أن نؤكده هو أن المعجزة والعلم والكرامة هى جميعا حقائق ثابتة .
▪️ويأتى السحر كعمل ، أشبه بالتشويش أو التعطيل لقدرة التمييز الصحيح بالحواس أو العقل أو إحداث اضطراب وأثر سالب لدى المقصود أو المستهدف بالسحر. ومايميز المعجزة والكرامة عن السحر أن المعجزة والكرامة كلاهما حدث ينطلق من منصة الحق و النفوس الطاهرة المؤمنة والواثقة بربها ،بينما يصدر السحر من مواقع الباطل وظلمات النفوس الخبيثة التي لا تعرف اﻹيمان وإنما يسيطر عليها كيد الشيطان.
ولعل مواجهة سيدنا موسي لسحرة فرعون تكشف حقيقة السحر وكيف أنه تشويش أو تعطيل للحواس وتأثير علي العقول فالمواجهة كشفت أن حبال السحرة يراها الناس حيات تحت تأثير السحر ولكنها فى الحقيقة هي حبال فقط تلقفها عصا موسى التي تحولت بمعجزة إلهية إلى حية حقيقية تدحض السحر وتدفع السحرة إلى اﻹيمان بصدق سيدنا موسي وقوته المستمدة من الله.
▪️والسؤال كيف يحق لنا أن نطلق على اﻷربع ، المعجزة ، العلم ، الكرامة والسحر اﻷربع المربكات؟؟ ثم هل من الصواب أن نعتقد أن المعجزات والكرامات التي حدثت فى قديم الزمان وقبل تقدم العلم وتطوره هي في الحقيقة حقائق علمية سبقت ظهور العلم وأنها هي نفسها (المعجزات والكرامات ) اﻹنجازات العلمية المبتكرة في عالمنا المعاصر ؟؟
واﻹجابة حول الأربع المربكة هى أن المعجزة والكرامة والعلم والسحر جميعها تربك اﻹنسان ﻷنها تزلزل المألوف وتصدم المتوارث من المعاملات والمشاهدات . فالمعجزة والكرامة تدفع النفوس الحائرة إلى اﻹيمان بالحق وتزيد يقين النفوس المؤمنةبما تعتقد ، كما وأنها تكشف للنفوس الغافلة الحقيقة فتسرع إلى إلانضمام لركب المؤمنين ، على عكس مايحدثه السحر من تأثير سالب .
▪️النبوءات تحدثت منذ قرون عن مسقبل البشرية وماسيحدثه العلم ، وقد سبق أن وقع في يدى كتاب اسمه ( تطابق المخترعات العصرية لما أخبر به سيد البرية ) وجاء فى ذاك الكتاب أن رسول الله صل الله عليه وسلم قد أخبر أمته بتفاصيل مستقبل الحياة الدنيا مثلما أخبر عن الأمم السابقة منذ أن خلق الله آدم. ومما أدهشني فيما قرأت في ذلك الكتاب إيراده إخبار الرسول بأنه فى آخر الزمان يعرف الرجل أخبار بيته من جيب سترته ، وكأنما يحدث عن الموبايل الجوال الذي نستخدمه اﻵن ، ولعل إخباره عن ما يحدثه الدجال وأن الناس على وجه اﻷرض جميعا يرون تحركه وأفعاله ، فقد أصبح اﻵن ذلك ممكنا مع البث المباشر للقنوات الفضائية ووسائط التواصل اﻹجتماعى.
ثم أن اﻹجابة على أن ابتكارات العلم يمكن أن تكون هى معجزات وكرامات اﻷمس أو العكس أي أن معجزات وكرامات الماضي هى ابتكارات علميه سابقة ﻷوانها ، فيمكن أن نقبل أن المعجزات والكرامات هى ابتكارات علمية فعلا ولكن ليس مقبولا القول بأنها سابقة ﻷوانها ولكنها فى الحقيقة أتت فى وقتها المناسب تماما. وكما ذكرنا آنفا فإن المعجزة والعلم والكرامة مواهب إلهية جميعا وهي من الله ولعله من اﻷنسب أن نقبل بأن اﻹبتكارات العلمية امتداد لمعجزات اﻹلهية المتجددة إستنادا على قوله تعالي (سنريهم آياتنا في اﻵفاق وفى أنفسهم) اﻵية 53 سورة فصلت فحرف السين هنا يشير إلى استمرارية التحدي وتواصل اﻹعجاز اﻹلهي إلى يوم القيامة.
mhgoub33@gmail.com