للأسماء طرف تأتي بنكهات العصائر المختلفة …فأحيانا يكون الاسم نقمة ، وفي أخري مناسبة للتقرب المفضي لكارثة وفي أحايين أخر يكون تطابق الاسماء منجاة من الفشل! سنقف علي كل هذه النماذج تباعا.
طرفتنا للأسم النقمة محورها صديقنا رجل الأعمال محجوب خيري . هاجر في أوائل الستينيات لأمريكا وأقام وأسرته بمنزله الفخيم بولاية ميرلاند المتاخمة للعاصمة واشنطن . كان محجوب ، ولايزال ، مسكونا بحب السودان متسقطا أخبار البلد من السفارة السودانية ، تارة ، أو بالسعي لمقابلة زوار واشنطن من السودانيين . في أوائل السبعينات تسيدت الوحدة الثلاثية مابين السودان وليبيا ومصر كل الاخبار أما هتافات(حرية ، اشتراكية وحدة ) و ( ناصر ، نميري ،قذافي ) فقد أصمت أركان المعمورة .رزق محجوب ابنا فما احتار كثيرا في اختيار الاسم اللائق لأب فخور .أسماه “القذافي ” ، أقرب أسماء ثالوث قادة الغفلة لقلبه ! مرت بضعة سنوات والأسم يكبر مع حامله الي ان سقط سيد الاسم الاصلي في اختبارات الزعامة وصار أضحوكة المؤتمرات الرئاسية! في عام 1980 قطع الرئيس كارتر العلاقات مع ليبيا وطرد دبلوماسيي القذافي من بلاده . بدأت الماكينة الاعلامية الامريكية في نهش سوءات القذافي وماتركت عليه من دثار. بيد ان بلاوي قرار كارتر لم تسقط الا علي رأس تلميذ الابتدائي ، الامريكي المولد السوداني الأصل ، القذافي محجوب خيري ! فلم يتكالب عليه ويتحرش به يومياً اصدقاؤه اليفع فقط ، بل طاردته لعنة الاسم الي دولاب ملابسه اذ لم يتبق له من قميص مدرسي مكتمل الازرار بسبب معاركه اليومية مع أقرانه بالمدرسة ! كان يكفي اصدقاؤه الشقر ترديد شيئا مما سمعوا في التلفاز عن “القذافي المجنون “ليقدحوا الشموس الاستوائية في دم هذا المحسي الأمريكي الصغير ، فيغلي الدم ويبدأ الركل ، فتتطاير الازرار وتتمزق الكراسات !
ذات يوم دعانا محجوب خيري “لسماية بأثر رجعي ” لاعادة تسمية الصبي ابن العاشرة ، وقد اسماه محمدا . ولعمري فانها عقيقة ” براجماتية ” هدفها رفع الاذي عن ابنه ، من جهة ، ومن جهة مقابلة تلقي بحزمة اضاءة كاشفة علي الانحدار الذي أوصلنا سياسيونا اليه! فقد ولي زمان كان التسمي فيه باسماء القادة تأسيا ومفاخرة بصنائعهم هو الأساس ، ليحل محله التبرؤ منهم ومن اسمائهم المكلفة جراء ما حصدت من صيت ردئ وسوء السمعة !