مشهد على ضفة النيل يمنحى فرصة
للكتابة على أخيرة الشرق الأوسط
▪️كان الوقت عصرا.. نزلت إلى ضفة النيل بعد مرورى على مزارعنا (الجروف الواقعة شرق القرية )
▪️كان النيل الأزرق قبالة قريتنا (الصداقة) يشكل جزيرتين حيث يكون مجرى النيل الرئيس شرق الجزيرتين أما غربهما تمتلئ فى موسم الخريف المسافة بين المزارع (الجروف ) غربا حتى الجزيرتين شرقا… بحيث يصعب على أصحاب المزارع داخل الجزيرتين الوصول إلاعبر مراكب صغيرة أو الطوف وهو سيلة تصنع من البوص الغليظ (اشبه بالفلين من الداخل) يربط بالحبال كحزمه بإحكام ليعبر به المزارعون النهر ويحملوا عليه منتجاتهم من الخضروات كالبطيخ وغيره ، وعندما يدخل شهر سبتمبر يبدا النيل فى الانحسار فيغامر بعضهم لقطع برك الماء سباحة او خوضا ، كان الناس ينشطون فى نقل بعض منتجاتهم وبعضهم يحمل على كتفه كميات معدة ككتل من العشب (القش) والتى يعلفون بها البهائم الابقار والاغنام.. كان الناس يتعبون جدا ويصابون بالرهق وهو يعبرون برك الماء و المشى فوق الرمال بصعوبة…
كنت جالسا على الرمال انظر الى الناس زرافات ووحدانا فى رحلة الذهاب والعودة الى احدى الجزيرتين.، وفجأة يظهر احد رجال القرية يقود عربة كارو … كان كل اهل القرية يعتقدون انه من المستحيل ان تتمكن عربة كارو السير فوق الرمال والمخاطرة بأن يخوض الحصان برك الماء ليعبر الى الجزيرة…وهذا ما حدث بالفعل فقد كانت مغامرة عجيبة ومدهشة من (الحاج الشيخ )وهذا اسم صاحب عربة الكارو.. كنتٌ مندهشا مثل غيرى وانا اشاهد الكارو تعبر فوق الرمال ثم يجرها الحصان داخل برك المياه… وكانت فرحة الناس كبيرة عندما رجع صاحب الكارو وقد حمل عليها مايفوق كل الكميات التى نقلها الآخرون فى رحلة واحدة لعربة الكارو… فى ذلك اليوم وفى تلك اللحظات انتهت الى الأبد اسطورة العبور المستحيل للكاروهات والسيارات فوق الرمال وعبر برك المياه وتلاشت اوهام الناس واختفت معاناتهم تماما… غمرتنى الفرحة وقررت مع نفسى ان ادون ماشاهدت فى مقال… عنونته ب (تطور الحياة يبدا بمغامرة جريئة)
وسردت الحكاية بتفاصيلها..
▪️قررت ان ارسلها الى رئيس تحريرصحيفة الشرق الاوسط الاستاذ عرفان نظام الدين قبيل انتهاء عطلتى الدراسية والعودة الى القاهرة فى العام 1982 حيث كنت ادرس الاعلام بجامعة الازهر..
وبالفعل ارسلت ماكتبته الى صحيفة الشرق الاوسط ، وما ان عدتٌ الى القاهرة وفى الاسبوع الاول وانا اقلب فى صفحات صحيفة الشرق الاوسط فإذا بى افاجأ بماكتبته منشورا على الصفحة الاخيرة، ولا يستطيع احد منكم ان يتخيل فرحتى بذاك الإنجاز كدت اطير من الفرح ولكن لم افصح لزملأئي فى الكلية عن هذا الإنجاز ولكن احد العاملين بالكلية دخل علينا ونادنى بالاسم ،خرجت من بين الطلاب ووقفت امام الرجل فإذا يه يقول 🙁 دكتور محى الدين عبدالحليم عايزك تعال) ذهبت معه
الى مكتب الدكتور محى الدين عبدالحليم استاذ الإعلام ورئيس القسم وقبل ان القى عليه التحية
سألنى بتهكم انت اللى كاتب المقال دا وهو يرفع الصحيفة ؟ ازاى ناس الشرق الاوسط ينشروا لك انت ويتجهالوا مقالاتى ؟؟ انا دكتور محى الدين عبدالحليم وانت طالب سنة ثانية عندى … فات على ان اذكر لكم اننى كتبت تحت اسمى طالب إعلام جامعة الازهر..
وكانت تلك الحكاية التى اتاحت لى فرصة الكتابة على الصفحة الاخيرة بصحيفة الشرق الاوسط والتى كانت تتصدر جميع الصحف العربية انتشارا وتوزيعا ولايتاح النفاذ او النشر على صفحاتها الا للمشاهير واصحاب الخبرات العظيمة فى مجال الصحافة والإعلام.
▪️خلاصة الموضوع ان المغامرة وجرأة التفكير والتنفيذ هى المفتاح الحقيقى للاكتشاف وتطور الحياة..
إذن لا تصدق كل ما يقال لك ولاتسجن افكارك داخل صندوق الخوف فالكثير ممايقال مجرد اوهام يمكن ان نهزمها بالجرأة والمغامرة والتجريب.