طلبك مني الإسهام في ملف السواقي أمر وشرف مفخرتنا البروف علي عثمان محمد صالح.
كانت الساقية عبقرية هندسية رغم قلة ضخها المائي إلا أنها كانت قفزة نوعية قياسا بعهد الشواديف.
كان ال ” تتي ” أي الجدول تقويما لتدوير الساقية وكان مقسما ل 4 ورديات زمنية تمتد من شروق الشمس حتى انتصافها تليها دورة الظهيرة حتى الغروب لتعقبها حصة المساء حتى منتصف الليل ثم الفجرية حتى الشروق.
الارتكان لهذا الوضع لوضوح التقسيم وعدالته.
يحكى أن حفل زواج والدي امتد طويلا مع روعة الطمبور واتساق الرقص ولهب الشبال ما دعا أحد أجدادنا للحضور لشابين غاضبا كان عليهما الفجرية لكنهما تجاهلا وانغمسا في الابتهاج فهاج فيهما متوعدا فقفزا من الحلبة عبر النافذة طلبا للنجاة.
كان دوران الساقية يحتاج لثورين أو بقرتين عاليتي البنية، علاوة على حاجة العمل ل ” اورتي ” أي سائق البقرتين من على ” التكم ” فيما يتعهد آخر بالسقاية والري.
هذا استلزم عمل كل مزارعين معا كتيم متعاون فلا مجال للفردية.
يحكى في هذا أن مجلس الترابلة اي المزارعين عقد مساء لترتيب الموسم الجديد وتجاهلوا دعوة مزارع عرف بينهم بالمشاكسة لكن رغم محاولاتهم المستميتة لم يفلحوا في علاج عددهم الفردي.
وكان عمنا المتروك قد سمع محاولة عزله فقنع وآوى يائسا إلى فراشه غير أن صبيا طرق بابه ليلا يبلغه دعوة المجموعة له للحضور للمسيد فما كان منه وهو ينتعل مركوبيه تأهبا للانضمام إلا أن صاح منتشيا بالنصر:
ينعل أبو الحظ ال ما يدق بابك وأنت نايم
فذهب مثلا إلى يومنا هذا.