قرأت في أوائل تسعينيات القرن العشرين كتاب النقد الذاتي الذي كتبه د. حسان حتحوت وهو إستشاري نساء وتوليد وصديق مقرب للإمام حسن البنا . والكتاب عبارة عن مجموعة مقالات لعدة مفكرين من بينهم د. حسن الترابي . يتحدث حتحوت في هذا الكتاب عن ملخص بحث قام به بعد إستبيان جمعه من خلال إسئلة لشباب الإخوان المسلمين .. هل ما تقومون به من تفجيرات لدور السينما وعنف ضد من يخالفكم في الرأي هو تنفيذ لأوامر القيادة ؟ .. هل هي تنبع عن قناعات راسخة لديكم بأن ما تفعلونه يوافق الإسلام ؟ .. كان الرد صاعقا .. بأنهم يطبقون هذه الأوامر دون قناعة . فخلص حتحوت قائلا .. إذا قُدِّر للحركات الإسلامية الوصول إلى السلطة فستكون دكتاتورية بإسم الإسلام وسيان عندي الديكتاتورية الإسلامية والديكتاتورية العلمانية .. إنتهى كلام د. حسان حتحوت .. علمت عندها أن تأييدي للحركة الإسلامية ما هو إلا إستبدال دكتاتورية بدكتاتورية وكان فراقي لهم “كفراق الطريفي لجمله” .. ونتيجة لذلك الفراق كان إعتقالهم لي في عام 1993م .. وتكرر ذلك الإعتقال عشرات المرات مع التعذيب في بيوت الأشباح وهلم جر .. ولكن لم تجد لا العصا ولا الجزرة لإرجاعي عن مبدأ الحق الذي أرتأيته .. أنا على يقين بأن شباب الحركة الإسلامية الذين يقاتلون .. جلهم و إن لم يكن جميعهم يقاتلون دون قناعة تذكر .. في عام 1996م قابلت صديقي حمامة المسجد د. نوري أبو القاسم إختصاصي التخدير وقد أمر أن يستعد للتحرك مع الدفاع الشعبي للقتال في هجليج .. فقال لي بالحرف الواحد : “الجماعة ديل ما لقوا ناس غيرنا”.. وكان آخر عهدي به حيث لقى حتفه في هجليج . وهذا دليل كاف لرجل لا يملك القرار .. وينطبق هذا الأمر على هؤلاء الشباب .. فما الذي يجعل الكوز يحمل السيخ ويستعين برجال الأمن لضرب زملائة في الجامعات حيث منابر الحوار وللأسف تجد الأستاذ الجامعي مشاركا لهم بالتأييد أو الصمت .. وما الذي يجعل الكوز يقاتل تنفيذا لأوامر علي كرتي وعوض الجاز وهلم جرا .. هو يعلم بأنهم هم من قاموا بنهب ثروات البلاد وينعمون بها مع أبنائهم بينما هو يتعرض للجوع والتشرد والقتل .. وما الذي يجعل الكوز يصمت طيلة هذه السنين وهو يرى الدعم السريع تُخَيّطُ له القوانين ليتمدد كالسرطان في المواقع السيادية العسكرية والإستراتيجية قبل الحرب ولم يجرؤا أن يتحدثوا ببنت شفة بل كان كل التأييد للدعم السريع وهو يواصل إنتهاكاته الفظيعة في دارفور وفي فض إعتصام القيادة العامة في 3 يونيو 2019م .
لقد تم إفراغ عقل الكوز حتى صار يرى الحق باطلا والباطل حقا وصار كالميت بين يدي مغسله .. إنعدمت عند الكوز الثقة بنفسه فصار لا يرى إلا ما تراه القياده .. فحل القائد محل الإله وإختار الكوز أن يكون عبدا مطيعا لمولاه أينما يوجهه يذهب .. ولا يأتي بخير .. نعم لأنه لا يُوجّه إلا لشر .. فهل يستفيق الكوز من غيبوبته وينعتق من عبوديته التى إختارها بأن تكون لغير الله … الحياة قصيرة .. كتبت بأن لا يستمتع بها إلا الأحرار ..
د. صبري فخري
إستشاري الجراحة العامة والمناظير
موبايل 0913768608