خط الاستواء

خط الاستواء
  • 21 سبتمبر 2024
  • لا توجد تعليقات

عبد الله الشيخ

لماذا يسمع السودانيون كل هذا الكلام المُر من الأخوان المسلمين..!؟ البشير يتحدى بالـ “هوت دوق”..! و حسن الترابي شيخ البشير يقول إننا رهط من الزنج أُطلق علينا هذا الاسم “لسواد قلوبنا “..!
والطفل المُعجزة مستشار البشير، مصطفى عثمان، يقول للصحافة السعودية إن أهل السودان قبل حكم الإنقاذ، كانوا فئة من الشحاذين..!
أما نائب البشير فهو يرى فينا ثُلة من العرايا، فقد قال الحاج آدم فى إحدى تصريحاته الفكرية…! أنه لا يوجد سوداني كان يمتلك قميصين ،قبل الإنقاذ طبعاً..!
هذه هي لغة البطانة الحكم فى الخرطوم وهي فى معاناتها من جوعها النفسي..
إذن ، من الطبيعي أن يتواصل سيل شتائمهم ، و على أهل السودان ألا يؤاخذوا عمر البشير إذا نزل بثقله الرئاسي لتحداهم ،إن كانوا يعرفون ــ قبل انقلابه ــ بحاجة اسمها الـ”هوت دوق”..!
ويا له من تحدي رئاسي ثقيل، نزل على الخرطوم في أعقاب تأكيدات من وزير المالية قال فيها أن السودانيين قبل الإنقاذ ما كانوا يعرفون ” البيتزا”..!! يبدو أنهم يقودون حالة ” فكرية “،
تريد أن تجتث ما تعارف عليه السودانيين من تعييب الحديث فى مواضيع الأكل والشراب..
والحال هذه ، ينبغي علينا أن نُذكِر الأخوان المسلمين بعض الحقائق الراسخة فى بيوت السياسة السودانية.. الأستاذ سيد أحمد الحسين الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي كان وزيراً للداخلية وللخارجية، وظل بيته عبارة عن داخلية مفتوحة لكل الناس.. لأكثر من خمسين سنة وهو على هذا الحال ولم و لن يتحدث أبداً بهذه اللغة الجائعة..

وفى بيت الجالوص فى مدينة الثورة، كان الأستاذ محمود محمد طه ، فضلة خيرو، يأكل فضلة ضيوفو..! وتلك بيوت العركيين والمراغنة و الأنصار وتكايا الزعامات السياسية والدينية في دارفور وكردفان والبطانة، وفى كدباس و الشكينيبة وهمشكوريب وفي كل مكان..بيوت كريمة وقورة وعفيفة اللسان ، لا ” تتنبر” بمأكول أو مشروب..!

و رحم الله شيخ العرب الدكتور عمر نو الدائم فقد كان وزيراً المالية، وكنا كصحفيين نحاصره بمترادفات الأسئلة حول الصرف الحكومي وندفع فى وجهه باتهامات تستنكر استيراد وزارته لعربات خاصة بنواب الجمعية التاسيسية..كان شيخ العرب يسمع الاتهامات ويضحك،، وله الحق فى الضحكات، فقد كانت سيارته فى ذلك الوقت مارسيدس موديل السبعينيات من ماركة أبو كديس..! كنا نتحلق حوله ليجيب على أسئلتنا الجريئة التى نحشد فيها كل فنون المعاكسة..كنت ــ طيَّب الله ثراه ــ أُلح عليه فى المسألة.. بحضور الزميل أحمد مختار ، المفتون بالشعار: ( الردة مستحيلة)..! رد عليَ شيخ العرب هامساً كأنه لا يعني ما يقول.. ” انتو شابكين في موضوع عربات النواب، وانتو شايفين أنا راكب العربية دي و أنا العربية دي عاجباني طالما أنها شغالة توديني وتجيبني من البيت.. و عربية الجمعية الشابكين فيها دي، نحن بعناها زمان وأكلناها مع ضيوفنا ، فما تحرجونا لأنو الكلام فى الحاجات دي عيب..” وأضاف شيخ العرب عمر نور الدائم : ” ما تكتبوا الكلام دا ، أنا قلت ليكم الحقيقة عشان تشوفوا ليكم شغلة غير موضوع عربات النواب دا”..!

.. رحم الله الشريف حسين الهندي ، فقد كان أيضاً وزيراً للمالية ،، وخيرو سابق بالطبع على هذا الوزير الانقاذي وعلى رؤسائه ومرؤسيه، لأنه اخترع من أجلهم بنداً للعطالة فى الميزانية،، ولو لم يفعل الشريف ذلك لكانت هذه الشرزمة فى عداد الرعاة فى البوادي..

رحم الله الشريف حسين،، كان يبدأ يومه فى بيته حاملاً بيده غمَّال الشاي، ويتبعه شريف آخر بجردل الزلابية ليكرم بنفسه الضيوف المتوسدين لكل ناحية من البيت، وعندما يخرج إلى مكتبه أو يغيب فى تسفاره، تقوم الشريفيات بالواجب دون ملل أو إدعاء..!
رحمة الله على الأمير نقد الله …..
كيف ننسى سيرته هنا ؟
الأمير ساكن في قلب أم درمان ،
وبيتو ما عندو باب، والصالون فاتح للجميع ، وكذا للذين سجنوه وعذبوه – الكيزان – فأدخلوه في غيوبة سنوات طويلة حتى رحل إلى جوار الكريم ..
وقد كان شيخ الشكينيبة كذا وكذا ، كان يلبس عراقي بلدي ما فيهو جيوب …..
والشكينيبة، دي أنت قايلا شنو؟
عبد الخالق – ختاي المزالق- غاب عن الخرطوم لأيام عديدة، وحين عاد سألوه :
أين كنت ؟
قال كنت مع الشيخ المكاشفي ،الزول اللي طبق الاشتراكية بكل عملي ……
الحديث في هكذا مواضيع ، وبهذه الطريقة عيب ..
ومتى يعرف الكيزان العيب ؟
هل بين كيزان (عربنارتي) من يستطيع ان يتحدث عن زول يتدفق شهامة وكرما، اسمه عبد الله الحسين قيلي ؟
ذاك الرجل الذي لم نسأله، ولم يسأل نفسه : لماذا فتح قهوة في سوق الغابة، وجعل منها ومن بيته تكية …. لماذا ؟
هل كان يبتغي الربح؟!
هذه بعض حقائق الحياة داخل البيوت السودانية التى تصدت للعمل السياسي وكانت تعلم أن الزعامة ليست تحدياً بـ “هوت دوق”،
ولا بالذبائح ..
التحدي هو أن يكون هناك عابراً للسبيل، قد دخل بيتاً للبشير أو لعلى عثمان، واستطعم هناك كما هي عادة السودانيين فى الريف والحضر..!
التحدي ليس بـ “البيتزا هَتْ”..!
التحدي هو تمثُل “قدح ود زايد” ، لمن شاء منكم أن يستقيم..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*