كيف ترتحل الآن؟.. إن المتاريسَ منصوبةٌ والعدى حُضَّرٌ

كيف ترتحل الآن؟.. إن المتاريسَ منصوبةٌ والعدى حُضَّرٌ
  • 03 أكتوبر 2024
  • لا توجد تعليقات

محمد م. راجي

“الشاعر السوداني الوحيد الذي يتسق شعره، تمام الاتساق مع شخصيته، هو محمد المكي إبراهيم”.
هذا رأي قلته قبل سنوات طويلة، وأيده، في حينها، وبقوةٍ بعضٌ من أساتذتي واصدقائي؛ الراحل علي المك، الراحل خالد الكد، والراحل كمال الجزولي، والراحل قيلي أحمد عمر، والراحل فضل الله محمد، والراحل شريف عفان، وابتسام عفان، وامال عباس، ومحمد عبد السيد، ومحمد الفاتح سيد أحمد، وفيصل محمد صالح،و مرتضى الغالي، والراحل هاشم كرار، ونجيب نور الدين، ودكتور محمود قلندر، والراحل معاوية جمال الدين، وإبراهيم علي إبراهيم، ومحمد الشيخ حسين، وآخرين.
هذا رجل دَمِثٌ، وَطِيءُ الخُلُقِ “ليس بالجافي ولا المهين”؛ يُشّجيك بأدبه وتهذيبه ورقته وأناقته، ويسحرك بسمو لغته وجمال مفرداته، ويؤْنِسُك بحديثه، ويُدهشك بعفوية ملاحظاته، وعبقرية توصيفاته، وبراءته الماكرة. وبعض المكرِ ذكاء.
الحياة بالنسبة لمحمد المكي ابراهيم في مجملها هي عبارة قصيدة تستحق الاحتفاء.
نشهد أنه كان من “الموطئين أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون”، ما كان ثَّرثارًا ولا مُتشدِّقًا، ولا مُتفَيهِقًاً.
وصدق رسولنا صلى الله عليه وسلم فهو القائل: “إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ ؟ قالَ: المتَكَبِّرونَ”.
وما كان محمد المك من المتَكَبِّرينَ، برغم رَفِعة شَّأْنه وعلو مقامه، وإِرْتِفَاع مَنْزِلَته.
ندعو له أن يتقبله القبول الحسن، بقدر ما قدم لوطنه، وللشعر، وللأدب، وللفكر، وللدبلوماسية، ولأسرته، وللأبيض عروس الرمال، التي احبها.

[كيف ترتحل الآن؟
إن المتاريس منصوبة والعدى حُضَّرٌ
وجنود من الشعر يأتون صوبك من كل فج عميق ..
كيف ترتحل الآن عن وطن اليأس والشعر
نحتاجك الآن أكثر مما مضى.
من سواك ليفرط رمانة القلب حزنًا
لأجل الصبايا تجرجر أسمالها
والولايا تنوء بأحمالها
والصغار يعودون من مولد عامر بالغبار
من سواك يقود الخوارج في غزوة لثغور العدى
يستعيد بها الوطن المتخثر بعض رجولته الضائعة]

من قصيدته “ترتحل الآن” التي قدمها في رثاء الشاعر محمد المهدي المجذوب (1919 – 1982)
……
الصورة المرفقة: الراحل وأنا، والمناسبة زواج دكتور مرتضى الغالي، في أمدرمان التي كانت

الوسوم محمد-م.-راجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*