جلسة هنية ما منظور مثيلها في عاصمة العرب القاهرة قبل فترة مع صديقي الشاعر المرهف المبدع عزمي أحمد خليل الوسيم، الأنيس، حسن العشرة صاحب ديوان ” حان الزفاف ” الذي تغني بأشعاره معظم فنانينا فأسأله كيف وجد السودانيين في أمريكا اجتماعيا ( قبيل قدومي إليها) فيقول:
إنهم شأنهم في السودان يتكاتفون ويتزاورون، الفارق أنهم يمهدون للزيارة باتصال، لكن في عمارتنا أسرة سودانية نتزاور بتلقائية دون ترتيب.
شابة تنتمي لأسرة مخملية مصرية – تركية تزورنا في البيت قبل أيام وفي يدها هدية.
بعد الترحيب وواجب إكرامها انداحت الونسة، فأوضحت لها وجود بعض أرحامنا الذين ” تمصروا ” في أسوان والقاهرة منذ عقود، وأن مصر والسودان ” حتة واحدة ” وأنني كثير التردد على مصر وأكاد أعرفها ومنه أنهم يتزاورون بترتيب مسبق وبهدايا غير أننا ننتمي في السودان لقرى متداخلة حياة أهلها وتنساب حركة دخول البيوت بلا أي بروتوكول واتصال وهدايا تقتصر على المناسبات، بالطبع مع مراعاة الاستئذان عند الباب بطرقه ” والأبواب مشرعة ” أو صفقة اليدين أو عبارة السلام عليكم، فلا تدهشي لو جئناك دون إخطار مربك واستعداد مكلف يرفع حالة الطوارئ في البيت بما في ذلك الإسراع للبقالة والجود بالموجود ولو كوب ماء من الزير طالما النفوس متطايبة فضحكت منشرحة.
وهنا يطل الشاعر محمود غنيم:
صم إذا ما الضيف جاءك
وامنح الضيف عشاءك
الهدية تسر، لكنها إن صارت عادة تبطئ التزاور لما لها من عبء مادي.
من الزيارات المحمودة، تلك التي يحرص عليها المسافرون العائدون للمرضى وكبار السن والمكلومين بفقد أعزاء والمقصر يلام.
في الخارج الموقع الذي به مريض سوداني في أي مستشفى لافت لكثافة الزوار.
حكي لي ابن أختي أنه لزم مستشفى في ألمانيا خلال ابتعاثه فكان في مدينة اخرى سوداني يأتيه بالقطار فور إنهاء دوامه ويلازمه إلى ساعة من الليل متأخرة حتى عوفي وخرج ” ال فينا مشهودة”.
مادمنا نتناول أمر الميعاد فإن في احترام الوفاء بتوقيته خللا واعوجاجا فينا فمن باب التندر يردد أن السوداني يقول لصديقه:
نلتقي التاسعة لكن انتظرني للتاسعة والنصف فإن لم أصل تريث إلى العاشرة، لكنه يصل قبل الموعد في لقاء الحبيبة .. أليس كذلك؟
هذا في الداخل، أما في الخارج فنحن الأحرص على موعد العمل بينما نتلكأ في دوامنا في الوطن وهو الأجدر بالمواظبة .. لماذا؟!
الجميل أن الأغلبية إيجابية وبهم تشرق شمس العطاء وتمتد شرفة الآمال.
حتى يتجدد اللقاء سادتي أهديكم باقة ورد ريانة بإبداع التجاني سعيد ووردي:
من غير ميعاد
واللقيا أجمل في الحقيقة بلا انتظار
صحيتي في نفسي الوجود
ورجعتي لعيوني النهار