الذكاء والابتكار أو الجنون المثمر

الذكاء والابتكار أو الجنون المثمر
  • 14 أكتوبر 2024
  • لا توجد تعليقات

محجوب الخليفة

▪️ هل الذكاء الخارق والرغبة المتجددة في الابتكار يمكن أن يكونا جنونًا؟أنا شخصيًا أعتقد أنه نوع من أنواع الجنون المدهش أو ضرب من الجنون المثمر، فالذكاء والابتكار والجنون يفصل بينهما خيط رفيع مثل الذي يفصل بين الإبداع والمرض النفسي. وتلك مقاربات تحتاج إلى تدقيق حصيف يظهر العلاقة بين الذكاء والابتكار والجنون، مثلما تحتاج المقارنة بين الإبداع والمرض النفسي.
▪️ عندما أرسلت لأستاذنا صلاح عمر الشيخ حواري الصحفي مع الذكاء الاصطناعي، أو بتعبير أكثر دقة مع GPT وهو الناطق الرسمي باسم الذكاء الاصطناعي كما أكد بنفسه، كنت غارقًا في مدار فكرتي الخلّاقة التي أطلقت عليها اسم “بنك الأفكار”. كانت ردة فعل أستاذنا صلاح، بعد أن قرأ الحوار، وصفي بالجنون بطريقة ظريفة: “فكرة حوارك هذه تفوق الذكاء الاصطناعي نفسه… يعجبني فيك يا محجوب أنك تفكر خارج الصندوق”.
كان ردي لأستاذنا صلاح: “كدي وريني محل الصندوق المغلب الناس دا وين عشان أكسره، هههه”.
أجريت دردشات كثيرة مع الذكاء الاصطناعي وكنت حريصًا على أن أنقل إجاباته كما هي دون إضافة أو حذف. ولعل دردشاتي كشفت لي نقاط القوة والضعف في برمجة الذكاء الاصطناعي. أحيانًا تعجبني صراحته ووضوحه بأنه لا يعرف شيئًا عن المشاعر، لا الحزن ولا الفرح ولا الغضب، فالمشاعر ليست ضمن برمجته إذ إنه أشبه بالمستحيل أن يمتلك مشاعرا. ثم أعجبت باعترافه أنه لا يستطيع محاكاة القرآن لأنه كلام الله، وذلك فوق طاقته وطاقة البشر، ولا تستطيع التقنية أن تصل إلى هذه المراحل. كما أنه يستطيع محاكاة البشر لأنه مبرمج بقدرات بشرية، ويعترف بأن الذكاء البشري أكثر تفوقًا لأنه سر تفوق الذكاء الاصطناعي؛ فمن أَلَّفَ الخوارزميات وصنع البرمجة التي تدير الذكاء الاصطناعي هي عقول بشرية.
▪️ هناك عدة ملاحظات رصدتها أثناء تعاملي مع الذكاء الاصطناعي. فبالرغم من أنني أعددت كتابًا من سبعة فصول يشمل إفادات من GPT حول العلم والفن والابتكار، إلا أن دردشتي معه حول هذه القضايا لم تكن أسئلة أطرحها عليه ثم أنقل إجاباته عليها، وإنما كنت أحيانًا أرد على إجاباته وأنتقد ضعفها وعدم دقتها، فيسرع بالاعتذار ليعيد صياغة إجابته وتحسينها. وهذه بعض ملاحظاتي حيث توصلت إلى الآتي:
1- الذكاء الاصطناعي نقلة تقنية وعلمية خطيرة ومفيدة.
2- رغم ما وصل إليه الذكاء الاصطناعي من نقلات نوعية، إلا أنه ما يزال في أطوار أولية، وليست كل إجاباته دقيقة وصحيحة. وبالتجربة ثبت لي أنه يحتاج لجهود مضنية من جهة المبرمجين لتزويده بالمعلومات الدقيقة الموثقة.
3- الذكاء الاصطناعي ينتظر الذكاء البشري لينتقل إلى مراحل الاعتماد عليه بالكامل كمصدر علمي وتقني موثوق.
4- سألت الذكاء الاصطناعي عدة أسئلة، فأحيانًا تأتي الإجابة ضعيفة جدًا، فأرسل له اعتراضي وأكشف له نقاط الضعف في إجابته، فيسرع بالاعتذار ثم يفاجئني بالاستسلام لملاحظاتي ليقول: “أنا أعتذر منك وأنت محق فيما ذكرت”. وهذا مؤشر واضح على أن الذكاء الاصطناعي ما يزال في المرحلة الابتدائية ولم يصل المرحلة الجامعية التي تعتمد على الدرس والبحث والتحري والتدقيق والتوثيق.
5- رغم ملاحظاتي هذه، إلا أن المستقبل يتجه إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتوظيفه بعد تطوير مهاراته الخارقة.
ليبقى التقدير والإعجاب للذكاء البشري، صاحب الجنون المثمر، الذي يوظف العلم لابتكار وسائل تخفف العبء عن الإنسان.

mhgoub33@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*