عيد مسخ العيد

وصلت من الرياض للمدينة المنورة قبل زمن مساء.
عند منتصف الليل حدث طارئ فاتصلت بقريبي وصهري عيد همت شالي، فحبوبة والدي شقيقة جده همت الكبير، علاوة على صلة والدتي.
في دقائق كان معي تصحبه زوجته الأستاذة زاهية الزاهية ابنة عمه بالمستشفى.
النهار التالي صحباني إلى واد ذي نضارة وكان الشواء والجلسة الأنيقة.
كنت قريبا من عيد في البلد والرياض والمدينة والخرطوم فكان عيدا بحق .. الهدوء والرزانة والتهذيب وكل الخلق الرفيع.
إنه عيد وكفى، الذي جسد كل معاني العيد طيبة متناهية.
حين اجتاحت المليشيا الخرطوم آثر البقاء في بيته بأسرته.
ذات يوم طرق الباب طارق مريب يستوثق إن كان هو عيد الميكانيكي صاحب ورشة صيانة السيارات القريبة فما إن أجاب ب ” نعم ” حتى انتزعوه من بيته بالهدى وأسرته فاختفى أثره وخبره.
لكنا كنا نعشم بقشة الرجاء بحسبانهم سيستفيدون منه في مجاله ويدعونه يعيش.
لكن بمضي الوقت واستطالته بذل كل منا جهده في سبيل العثور عليه والاطمئنان دون جدوى.
فور اجتياح الجيش الخرطوم ظهر عيد باد عليه الإعياء، فعم الفرح، الذي سرعان ما اغتاله نبأ استشهاده جراء التعذيب والتنكيل والقهر، التي تعرض لها متحدة مع تداعيات السكري، الذي تغلب في غياب الرعاية.
كانت وفاة الحبيب عيد دون ذنب جناه غير انتمائه ل ” الجلابة “، الذين يتوعدونهم صباح مساء، الذي كان كفيلا باغتياله، ليس وحده بالطبع لكنه جسد لنا الألوف الذين دفعوا ثمن انتمائهم المناطقي.
رفع الله الحبيب عيد في أرفع مقام الجنان
وسحق المليشيا دنيا وآخرة.
ظللت ما استطعت أتجنب دنيا ساس يسوس ولكن فقد عيد فك لجام الغضب النبيل.
يا إلهي
ما أوجع فراقك عيدنا النادر!