أنا وكات ستيفنس

تم تكليفي، وأنا بعد صحافي غر، من جهة ما، بمرافقة الفنان العالمي، كات ستيفنس، وهويحمل إسمه الجديد، يوسف إسلام، بعد اعتناقه للدين الإسلامي، وإشهاره الشهادة، تم تكليفي بمرافقته في رحلة لبعض القرى الذاكرة، في أرياف العاصمة، أثناء زيارته للسودان، وكان الغرض أن أساعد في الترجمة، خلال تجواله، في الخلاوي والمسايد، وأن أسهل مقابلته للشيوخ والمتصوفة. ولأنني كنت من أشد المعجبين بالفنان، حينما كان نجما من نجوم (الروك)، فإنني لم أترك السانحة تفلت من يدي، وبينما كنت أتامله كنجم موسيقي فذ، كان هو ينظرني من خلال موقف إسلامي، عميق.
ولقصة إسلام المطرب البريطاني الكبير، روايات عدة، سمعتها في أوقات متفرقة، فمرة ذكر قصة إصابته بمرض السل، حتى أشرف على الموت، وكيف انفض عنه جمهور الاصدقاء والمعجبين، وكيف مرت فترة نقاهته وهو يتأمل في مسألة الموت والحياة، وكيف أن الشخص الوحيد الذي أخرجه لضياء الحق، والشفاء، كان ممرضة باكستانية مسلمة، أعلمته بأن الطب لا يشفي، ولكن الشافي هو الله، فقال بأن هذه الجملة كان مفتاح شفائه، جسداً وروحاً.
وفي رواية أخرى، ذكر بأنه كان يسبح في شط كاليفورنيا، ولم ينتبه إلى الموج الذي حمله بعيداً عن الشاطئ، وحينما حاول العودة سابحاً، خارت قواه ولم يقدر على مقاومة الموج، ونظر في كل الإتجاهات، عسى أن يجد من يغيثه، ولكن لا أحد، فذكر بأنه اتجه للسماء، وتضرع إلى الله، أن لو سلم، فإنه سيسلم، وقال على لسانه، أن موجة عظيمة حملته وقذفت به إلى الشاطئ، فأوفى بنذره. وفي رواية أخري في برنامج (تومي فانس) الأشهر، ذكر بأنه كان في رحلة للقدس، وحمل في عودته، الكتب المقدسة الثلاث، وقرأ في الطائرة، وأكمل قراءة الكتب حينما استقر به الحال، فذكر أيضاً، أن القرآن أجاب على كل تساؤلاته الوجودية، فاختار السلام، وطلق الغناء، فانقلبت الدنيا رأساً على عقب، وحورب من كل الجهات حرباً شعواء، ولكنه استمر في قناعته، وقدم للتعليم والأعمال الخيرية، المال والجهد وكلما مايملك،وقال بأنه سعيد، وغير نادم على الإطلاق.
مضت بنا السيارة، في خلاء عريض، وشمس النهار والغبار، يفسدان عذوبة السفر، ولكنه لم يكن ليبدي أي ضيق، فكأنما قد ولد في صحراء الصبر وعتاميرها، ولكنه كان يسأل، وكنت أجيب، كان يرتدي جلباباً أبيضاً نظيفاً، وغطاء رأس، فضل الجلوس بجانب السائق، قابضاً بيده بقوة، على قطعة جلدية كالحزام، تتدلى من سقف العربة، كأنما هي طوق نجاة، يهتز جسده ويتمايل مع ارتجاج العربة، في طرق بالغة الوعورة.
طفقت أتأمله، هذا هو الشخص الذى غنى في فلم (هارولد ومود)
If you want to be me
وأصدر ستون ألبوماً غنائياً، من أميز ألبومات الروك في السبعينات، أشهرها
Tea for the Tillerman
Teaser and the firecat
Mona Bone jakon
هاهو، بلحمه ودمه، يجلس معي في عربة واحدة، لا نرى غير موج الرهاب، وضجيج المكن، والسائق المحدق للأمام، كأنه قد من صخر.
إلتفت ناحيتى، حينما استحكم الضجر، وقال لي حدثني عن نفسك، وليته لم يفعل، حين فاجأته قائلاً
I really like your album, Budah & the chocolate box!
صمت الرجل، وأعاد وجهه لموقعه الأول، دفعة واحدة، ولعل السائق قد أحس بأن هنالك كارثة، التفت إلى يقوال
الزول ده زعلتو قلت ليه شنو يابن العم؟
فقلت له لاشئ
ثم ران صمت
ثم تحدث كأنما يتحدث لنفسه، قال ، يا إلهي، بلهجة عربية فصيحة، وبصوت هامس، وأكمل بانقليزية، بريطانية محضة
Here I am, in the middle of nowhere, and Cat Stevens still following me!
حاولت الإعتذار، ولكنه سبقني بقوله
نعم إنه البوم عظيم، لأنه كان آخر محاولة لي في طرق كل ابواب الأديان، حتى أستقر حالي على ماهو عليه الآن، نادني بإسم يوسف.
فقلت نعم يا سيد يوسف، فكات اسنتيفنس، ذكري قديمة.
فابتسم، وواصلنا حديثنا عن اللحظة الراهنة.
كم وددت في تلك اللحظة، أن أسمعه يغني
Morning has broken
لأشهد رفيف أجنحة الملائكة، تغطينا من قيامة ذلك النهار.
عاد كات ستيفنس للغناء مر أخرى العام 2006، بعد توقف دام، 28 عاماً، تحت أسم يوسف/كات ستيفنس.
تاج السر الملك