بعد رحلة جوية مباشرة امتدت 12 ساعة هبطنا في أضخم مطارات الدنيا في استانبول، بل أول مطار أوروبي يستخدم 3 مدرجات مستقلة تعمل معا، إضافة لمطار صبيحة الدولي في الشق الآسيوي، وهو أهدأ وأسلس إجراء وأجرا.
في صالات الاستقبال وجدنا خلقا محتشدا من كل القارات في زحام ذكرني جوازات السجانة ما يشي باستانبول شقراء البسفور وجهة مرموقة، التي تستقبل 23 مليون سائح سنويا، ثم سارت بنا سيارة الأجرة ساعة كاملة حتى بلغنا الفندق الباهي، الذي اعتدناه.
كبرى الحواضر التركية واعلى المدن الأوروبية ازدحاما يقصدها السياح والزوار طوال العام نظرا لموقعها الاستراتيجي ومزاراتها الجاذبة مثل مسجد أيا صوفيا التاريخي، وقصور السلاطين الباذخة مثل قصر توبو كابي الشهير، فضلا عن وجهتها العلاجية المثلى ففضلا عن براعة أطبائها تمتاز بيسر التكلفة ففي مجمع الأسنان، الذي زرعت فيه 3 أسنان قابلت مترددين شتى .. هذان زوجان إريتريان قادمان من السويد وقبالتي أسرة من بوليفيا بأمريكا الجنوبية، ولصقي غجريان من فرنسا، وهؤلاء شوام وأولئك مغاربة .. هكذا تعج عيادات المجمع، حيث المهارة وحسن المعاملة، لكني لم أصادف غير سوداني واحد طوال إقامتي في استانبول حيث جذبتني جلابية وعمة قبل سفري بيوم في محل تجاري فسعدت بمجالسة د. عبد الرحمن من غرب أم علي وجد والدتهم شيخ إدريس ود الأرباب المحسي ال ما كضاب، وال 4 الذين أعرفهم كانوا خارج البلاد، هذا عن الأسنان وهناك مئات المجمعات، ومثلها عيادات زرع الشعر، وقد حدثني مجربون أنهم أنهوها في 48 ساعة، إذن لم التعايش مع لمعان الصلعة؟!
بمقدور الخرطوم أن تصير مقصدا إقليميا للسياحة العلاجية بالاستقرار والتخطيط وجذب الرساميل.
كما أن جامعات استانبول تحتضن طلابا من عشرات الدول، أعرقها جامعة استانبول التي أنشئت قبل ما يزيد على 500 سنة.
يربط جزءي استانبول الأوروبي والآسيوي جسر البسفور المتدفقة حركته، أسفله نفق بطول نحو 5 كلم، فضلا عن 3 جسور طائرة والسفن العالمية تتهادى وهي تمخر ببطء بين البحرين الأبيض والأسود.
أهل المدينة الهائلة يرتدون الملابس الأوروبية، يحمل كبار السن منهم عادة سبحا صغيرة جاذبة تزيدهم وقارا والنساء الأنيقات تميل أزياؤهن للاحتشام، خاصة مع البرد المتحالف مع المطر الصبيب دوما وجمال حواءات البحر المتوسط أخاذ معلوم، ومن المعتاد رؤية شابات جميلات ببناطلين جينز يسرعن والشعر الحريري يهفهفه النسيم:
سال من شعرها الذهب
وتدلى وما انسكب
وقد يكون بينهن بعض نجمات المسلسلات التركية الرومانسية اللاهبة، ذلك في شوارع في النظافة ذروة يعكف عليها عمال يسحبون باليدين أو يدفعون عربات بإطارين (درداقة) عليها جوالات خيش كبيرة يودعون محتواها في مستودعات حديدية في أطراف الشوارع تحمل ما يجمع فيها سيارات البلدية، ليتنا نقتبس ما يلائمنا من تجارب الآخرين، فيما تشق الشوارع بجانب السيارات دراجات بخارية يشترط على راكبيها اعتمار الخوذات الواقية بينما العلم التركي يرفرف في كل مكان عزة تحس بها في شعب يسنده تاريخ باذخ يجعلهم يتمسكون بلغتهم التليدة، وبذا يتعذر التواصل مع معظمهم بيسر.
استعرضت معروضات مكتبة ثقافية عربية فلم أجد كتابا سودانيا فاستوضحت صاحبها محتجا بمرافعتي ودفوعي فقال باسما:
التقصير منكم.
أعدك أن تجد المرة القادمة مؤلفات سودانية متنوعة فشكرته.
بارحت مطار صبيحة في استانبول المزدانة بالمآذن المشرئبة وناطحات السحاب المستكنة الرائعة ووصلت عاصمة العرب الفياضة حيويتها مساء أمس.
من القاهرة سلام
لمسة لغوية
صالح: عكس طالح أو فاسد
كأن نقول هذا بيض صالح وذاك فاسد.
مصلحة: منفعة
كأن نقول
انتهت المباراة لمصلحة السودان ولا نقول لصالح
أحيل فلان للتقاعد للمصلحة العامة لا للصالح العام
حكمت القضية لمصلحة فلان لا لصالح
وهكذا ..